ما مات حتف أنفه وطفا على وجه الماء بأن صار بطنه من فوق ([1]) فعند
الثلاثة مالك والشافعي وأحمد ([2]) هو حلال
وعند أبي حنيفة لا يحل ([3]).
دليل الثلاثة على الحل عموم قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمۡ صَيۡدُ ٱلۡبَحۡرِ
وَطَعَامُهُۥ} [المَائدة: 96] والمراد
بطعامه ميتته عند جمهور العلماء ([4]) فهو يدل على
إباحة ميتة البحر مطلقًا وقوله صلى الله عليه وسلم في البحر «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ([5]) وحديث جابر
قال: «غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ ([6]) وَأُمِّرَ
أَبُو عُبَيْدَةَ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا
لَمْ نَرَ مِثْلَهُ يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ
فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ
فَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ
أَبُوعُبَيْدَةَ كُلُوا فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ
لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «كُلُوا
رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ
فَأَكَلَهُ»» متفق عليه.
ففي هذا الحديث دليل على إباحة ميتة البحر سواء مات بنفسه أو مات بالاصطياد ([7]) وطلب النبي صلى الله عليه وسلم من لحمه وأكله ذلك أراد به المبالغة في تطييب نفوسهم في حله وأنه لا شك في إباحته وأنه يرتضيه لنفسه.
([1])الدر المختار بحاشية ابن عابدين ص(195) ج (5).