×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

فعلى قول من يري أن التسمية غير واجبة على الذبيحة لا أثر للشك في حصول التسمية على الذبيحة إذ هي عنده حلال بدون التسمية غير ما يكون إذا لم تحصل التسمية على الذبيحة إما مطلقًا أو في غير حال النسيان.

فقد كفاهم كشف هذه المشكلة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم حيث سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَمُّوا عَلَيِه أَنْتُمْ وَكُلُوه» ([1]). فمن هذا يؤخذ أن من وجد لحمًا ذبحه غيره جاز له أن يأكل منه ويذكر اسم الله عليه، لحمل أمر الناس على الصحة والسلامة.

وحينئذ يمكننا أن نقول: إن تيقن أن الذابح لم يسم عليها لم يجز أن يأكل منها وإذا لم يعلم هل سمي عليها أو لا جاز أن يأكل منها لأنه لا يلزم أن تعلم التسمية فيما يجلب الى أسواق المسلمين مما ذبحه المسلمون أو أهل الكتاب لأن المسلمين قد عرفوا التسمية والمسلم يحسن به الظن ما لم يتبين خلاف ذلك، وأهل الكتاب في حكمهم في هذا والله أعلم.

من هذا العرض لشروط الذكاة وجدنا المذاهب الأربعة تتفق في الجملة على ثلاثة شروط أهلية الذابح وصفة آلة الذبح وقطع ما يجب قطعه في الذكاة - وإن اختلفت في بعض تفاصيل تلك الشرط كما أسلفنا وتختلف المذاهب الأربعة في التسمية هي هل شرط رابع لصحة الذكاة مطلقًا أو شرط لها في غير حالة النسيان أو ليست بشرط لصحتها أصلاً بل شرط لكمالها.


الشرح

([1])رواه البخاري / فتح الباري ص(634) ج(9).