×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

وأما تأويل الحنفية للحديث بأن المراد به التشبية بمعنى أن الجنين يذكى كما تذكى أمه فلا يباح إلا بذكاة تشبه ذكاة الأم فهو تأويل يبطله لفظ الحديث حيث جاء نصه هكذا قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَنْحَرُ النَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ، قَالَ: «كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ([1]) فأباح لهم أكله معللاً بأن ذكاة الأم ذكاة له ([2]) كما ترده الرواية الثانية: «ذَكَاة الْجَنِين فىِ ذَكَاة أُمّه» أي كائنة أو حاصلة في ذكاة أمه وروي: «ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أُمّه» والباء للسببية ([3]).

وأما إلحاقهم له بالميتة: فيجاب عنه بأن الذي جاء على لسانه تحريم الميتة هو الذي أباح الأجنة المذكورة فلو قدر أنها ميتة لكان استثناؤها بمنزلة استثناء السمك والجراد من الميتة فكيف وليست بميتة، والجنين جزء من أجزاء الأم والذكاة قد أتت على جميع أجزائها فلا يحتاج أن يفرد كل جزء منها بذكاة؛ فهذا هو مقتضى الأصول الصحيحة، ولو لم ترد السنة بالإباحة فكيف وقد وردت بالإباحة الموافقة للقياس والأصول ([4]) وأما جوابهم إذ لو كان ثابتًا لاشتهر فيجاب عنه بأن الحديث قد ورد من طرق متعددة عن خمسة عشر صحابيًا ([5]) وما كان كذلك فقد اشتهر، ولم يعرف فيه بين الصحابة خلاف.


الشرح

([1])إعلام الموقعين لابن القيم ص(335) ج (2) و انظر: ص (382) ج (4).

([2])نيل الأوطار ص (151) ج (8).

([3])إعلام الموقعين ص(334) ج (2).

([4])انظر: نيل الأوطار ص (150) ج (8).

([5])المغني مع الشرح الكبير ص(52) ج (11).