يدعون نبوة «زرادشت» ونزول الوحي عليه من عند الله ([1]) والعلماء مجمعون
إلا من شذ منهم على أن ذبائحهم لا تؤكل ([2]) وقال أبو ثور ([3])بإباحتها مستدلاً
بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سُنُّوا
بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» ([4]) وبأنهم يقرون
بالجزية، فيباح صيدهم وذبائحهم ([5]) فيكون المراد بالحديث
سنوا بهم سنة أهل الكتاب بأخذ الجزية فقط، وقياسه الذبائح على أخذ الجزية أي أنه
كما تؤخذ منهم الجزية تحل ذبائحهم قياس فاسد - لأنه قياس مع الفارق، وذلك أنه لما
كان لهم شبهة كتاب والأصل في الدماء حقنها حقنت دماؤهم بأخذ الجزية تغليبًا لجانب
الشبهة وتمسكًا بالأصل حتى يثبت ما ينقل عنه، ولما كان الأصل في الذبائح تحريمها
أخذ فيها بالترحيم احتياطًا وإبقاء الأصل فيها فأبقى كل شيء على أصله لأن كونهم
كفارًا ولم يثبت ما ينقل عن هذا الأصل ([6]) لأنهم ليسوا من أهل
الكتاب ومن لم يكن من أهل الكتاب لم تحل لنا ذبيحته من جميع الكفار والدليل على
أنهم ليسوا أهل كتاب:
أولاً: قوله تعالى: {وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ١٥٥أَن تَقُولُوٓاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلۡكِتَٰبُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيۡنِ مِن قَبۡلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمۡ لَغَٰفِلِينَ ١٥٦} [الأنعَام: 155-156] فتبين أنه أنزل القرآن كراهة أن يقولوا
([1])تفسير المنار ص(186) ج (6).