الوجه الثالث: أن طعام أهل الكتاب قد خص منه ما استباحوه كالخنزير
فيخص منه ما ذبحوه على غير الصفة المشروعة في الذكاة.
الوجه الرابع: أن ما ذبح بفتل عنقه يدخل في المنخنقة وما ذبح بضربة
بالبلطة ونحوها موقوذ وقد حرم الله المنخنقة والموقوذة بنص القرآن في قوله تعالى: {حُرِّمَتۡ
عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ
بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ} [المَائدة: 3] الآية فيكون ذلك مخصصًا لقوله تعالى: {وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ} [المَائدة: 5].
الوجه الخامس: أن ما ذكي على غير الصفة المشروعة يفتقد فوائد الذكاة
من استخراج دمه وتطييب لحمه والذكاة لا ينظر فيها إلى وصف المذكى فقط بل ينظر فيها
إلى وصف المذكي وصفة الذكاة معا، فلو وجد أمامنا ذبيحتان كل منهما ذكي على غير
الصفة المشروعة إحداهما ذكاها مسلم والأخرى ذكاها كتابي فكيف نحرم ذبيحة المسلم
ونبيح ذبيحة الكافر في هذه الحالة إن في هذا رفعًا لشأن الكافر على المسلم.
وأما القسم الثالث: وهو ما جهل حاله من هذه اللحوم المستوردة فلم يعلم هل
ذكي على الطريقة الإسلامية أو لا فهذا قد اختلفت فيه أقوال العلماء في عصرنا على
قولين:
القول الأول: أنه مباح عملاً بالآية الكريمة: {وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ} [المَائدة: 5] فالأصل فيه الإباحة إلا إذا علمنا أنهم ذبحوه على غير الوجه الشرعي، فقد جاء في مجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ([1]) فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله في هذا الموضوع هذا نصها: قال الله سبحانه: {ٱلۡيَوۡمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُۖ وَطَعَامُ
([1])العدد الثالث للسنة الثامنة - ذوالحجة (1395) ص(156).