×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

 مذكى حلال الأكل وهذا ما يدل عليه القرآن وكلام السلف ويدخل في ذلك ما تبقى في العروق وكذا الكبد والطحال كما يأتي.

جاء في السنة ما يبيح الكبد والطحال ودم السمك ويخصص هذه الأشياء من عموم الدم وذلك فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» وقد سبق الكلام على هذا الحديث وأنه يصح الاستدلال به على أي حال سواء كان مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أم موقوفًا على ابن عمر لأن قول الصحابي أمرنا بكذا أو نهانا عن كذا أو حرم علينا كذا كله في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة قوله: قال رسول الله كذا أو أحل لنا كذا أو حرم علينا كذا، فيكون هذا الحديث مخصصًا لعموم الآيتين المفيدتين لتحريم الدم مطلقًا دالاً على إباحة الكبد والطحال قال النووي ([1]): بلا خلاف للحديث الصحيح كما يفيد الحديث إباحة دم الحوت والخلاف الذي ذكره فيه ابن رشد كما أسلفنا عنه أشار إلى أن سببه معارضة العموم للقياس، أما العموم فقوله تعالى: {وَٱلدَّمَ} [البَقَرَة: 173] وأما القياس فما يمكن أن يتوهم من كون الدم تابعًا في التحريم لميتة الحيوان أعني أن ما حرم ميتته حرم دمه وما حل ميتته حل دمه ([2]) - هذا ما قاله ابن رشد ولكن الذي يظهر لي أن سبب الخلاف هو معارضة حديث «أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ» لعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ} [المَائدة: 3] الآية، إلا يكون ذلك القياس الذي ذكره ابن رشد سببًا للخلاف مع ما ذكرنا.

***


الشرح

([1])في الجموع ص(69) ج (9).

([2])بداية المجتهد ص(342) ج (1).