×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

 الأكل المقصود بالنهي لا إلى الأكل المقصود بالنهي لا إلى أمر خارج عنه لا تعلق له بالأكل، ولأن نظير هذا قوله سبحانه وتعالى في الآية الأخرى: {فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ} فهذا هو الباغي العادي - والمتجانب للإثم المائل إلى القدر الحرام من أكلها وهذا هو الشرط الذي لا يباح له بدونه ولأنها إنما أبيحت للضرورة فتقدرت الإباحة بقدرها وأعلمهم أن الزيادة عليها بغي وعدوان وأثم فلا تكون الإباحة للضرورة سببًا لحله».

وممن اختار هذا القول الإمام ابن جرير والقرطبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وإليك مقتطفات من كلامهم في ذلك:

يقول ابن جرير رحمه الله: «وأولى:هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: فمن اضطر غير باغ بأكله ما حرم عليه من أكله ولا عاد في أكله وله عن ترك أكله بوجود غيره مما أحلة الله مندوحة وغنى، وذلك أن الله تعالى ذكره لم يرخص لأحد في قتل نفسه بحال - إلى أن قال - فالواجب على قطاع الطريق والبغاة على الأئمة العادلة الأوبة إلى طاعة الله والرجوع إلى ما ألزمهما الله الرجوع إليه والتوبة من معاصي الله لا قتل أنفسهما بالمجاعة فيزدادان إلى إثمهما إثما وإلى خلافهما أمر الله خلافًا» ([1]).

ويقول القرطبي لما ذكر قول المانعين من الترخص في سفر المعصية: «قلت: الصحيح خلاف هذا فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه قال الله تعالى {وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ} [النِّسَاء: 29] وهذا عام ولعلة يتوب في ثاني الحال فتمحوا التوبة هنا ما كان» ([2]).


الشرح

([1])تفسير ابن جرير (325) ج (3).

([2])تفسير القرطبي (232) ج (2).