المصلحة وتندفع به المفسدة
من غير مجاوزة لهذا الحد {وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ
وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} [الأعرَاف: 31] {وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ
مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ
مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} [الإسرَاء: 29].
وهكذا ترسم هذه الآيات الكريمات المنهج القويم في الأكل والشرب والإنفاق من
الطيبات، وهو منهج وسط بين البخل والإسراف وإذا كان الله في هذا المنهج قد أباح
الطيبات من الأطعمة وحرم الخبائث فهو ينهى أشد النهى عن تجاوز هذا المنهج ومخالفته
بتحليل ما حرم أو تحريم ما أحل فيقول سبحانه: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ٨٧وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ
حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ ٨٨} [المَائدة: 87-88]، {قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ
ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ} [الأعرَاف: 32]، {قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ
أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٖ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامٗا وَحَلَٰلٗا قُلۡ
ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ ٥٩وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ
يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ} [يُونس: 59-60]، {وَلَا تَقُولُواْ لِمَا
تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى
ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ
١١٦مَتَٰعٞ قَلِيلٞ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ١١٧}[النّحل: 116-117].
وذلك أن التحليل والتحريم حق لله - فمن حلل وحرم فقد جعل نفسه شريكًا لله في هذا الحق ومن هنا عاب الله على اليهود والنصارى طاعتهم لأحبارهم ورهبانهم في تحليل ما حرم وتحريم ما أحله وأخبر أنهم بهذه الطاعة قد اتخذوهم أربابًا من دون الله حيث يقول سبحانه {ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ}[التّوبَة: 31].