بَابُ دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ
****
لِقَوْلِهِ عز وجل:
﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا
دُعَآؤُكُمۡۖ﴾ [الفرقان: 77] وَمَعْنَى الدُّعَاءِ فِي
اللُّغَةِ الإِيمَانُ.
****
قوله: «باب دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ»؛ أيْ:
أنَّ الدّعاءَ إِيمَانٌ، وَالدُّعاءُ عَمَلٌ، فَدَلَّ علَى أنّ العمَلَ مِن
الإِيمَانِ، وَذَلِك لِقولِه تَعَالَى: ﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ
فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا﴾
[الفرقان: 77].
قَولُه:﴿لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ﴾؛
قِيلَ مَعنَاه: لَولاَ إِيمَانُكُم؛ أَيْ: لَولاَ أنَّكم تَدعُونَ إلَى
الإِيمَانِ - مَعَ كَونِهم كفَّارًا، فلاَ يُترَكُ مَن يَدعُونَ إلَى الإِيمَانِ،
فيَكونُ الدُّعاءُ المُرَادُ بِه دَعوَتُهم إلَى الإِيمَانِ، وَهَذا إِيمَانٌ،
الدَّعوَةُ إلَى اللهِ مِن الإِيمَانِ، وَقِيلَ مَعنَى ﴿لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ﴾؛
أَيْ: لَولاَ إِيمَانُ المُؤمِنِين، لعَذَّب اللهُ أَهلَ الأَرضِ، لَكنْ وجُودُ المُؤمنِين
الّذِين يَدعُونَ اللهَ، وَيُؤمِنونَ بِه، يَرفَعُ اللهُ بِه العذَابَ عَن أَهلِ
الأَرضِ؛ ﴿فَقَدۡ
كَذَّبۡتُمۡ﴾ الرَّسولَ صلى الله عليه
وسلم بَعدَ أنْ دَعَاكُم إلَى اللهِ.
قَولُه:
﴿فَسَوۡفَ
يَكُونُ لِزَامَۢا﴾؛ أيْ:
فَسَوفَ يَكونُ عَذَابًا مُلاَزِمًا؛ سَوفَ يُصِيبُكم عَذابٌ لاَزمٌ لَكُم، لاَ
يَنفَكُّ عَنكُم، فَهَذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ عَلَى مَن كَذَّبَ الرّسُلَ - عليهم
الصلاة والسلام-؛ لأنَّ جزَاءَه العذَابَ المُلازِمَ الّذِي لاَ يَنفَكُّ عَنهُ.
حَدِيثُ ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ،
الصفحة 1 / 190