فكَانَ الوَاجِبُ عَلَيهِم أنْ يَمتَثِلُوا؛
لأنَّ الأَمرَ يَدُورُ عَلَى أمرِ اللهِ وشَرعِهِ، وَلَيس الإِيمَانُ عَلَى حَسَبِ
الأَهوَاءِ وَالرَّغبَاتِ، فَإذَا أَمَرَكَ اللهُ أنْ تَتَوجَّه إلَى بَيتِ
المَقدِسِ، فتَوَجَّه، وَإذَا أَمَرَكَ أنْ تَتَوجَّه إلَى الكَعبَةِ، تَتَوجَّه،
وَلاَ تَعتَرِضُ، الإِيمَانُ لاَ يَتعَلّقُ بِالجِهةِ، وَإنَّما يَتعلّقُ بِأمرِ
اللهِ سبحانه وتعالى، اللهُ هُو الّذِي يُوجِّهُك أنْ تَتَوجَّه إلَى بَيتِ
المَقدسِ أَو إلَى الكَعبَةِ، الوَاجِبِ أنَّ المُسلِمَ يَدُورُ مَعَ أَمرِ اللهِ
حَيثُمَا دَارَ، وَلاَ يَعتَرِضُ.
قَولُه:﴿لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ
وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۧنَ﴾: هَذِه أَركَانُ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ سِتَّةُ
أَركَانٍ: «الإِيمَانُ بِاللهِ،
والإِيمَانُ بِالملاَئِكةِ، وَالإِيمَانُ بِالكتُبِ، وَالإِيمَانُ بِالرُّسُلِ،
والإِيمَانُ بِالقَدَرِ، وَالإِيمَانُ بِاليَومِ الآخِرِ ويَومِ القِيامَةِ
وَالبَعثِ والنّشُورِ»؛ كمَا فِي الحَدِيثِ الآخَرِ ([1])،
هَذِه هِي أَركَانُ الإِيمَانِ.
قَولُه:﴿وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۧنَ
وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ﴾:
الصَّدقَةُ وَالإِحسَانُ إلَى المُحتَاجِينَ والأقارِب، إذَا كَانُوا مُحتَاجِين،
فهُم أَولَى مِن غَيرِهم.
قَولُه: ﴿وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ﴾: هُو يُحِبُّ المَالَ، وَمَع هَذَا يُنفِقُه فِي سَبِيلِ اللهِ - وهُو يُحِبّهُ-، أمَّا الإِنسَانُ الّذِي لاَ يَتَصدَّقُ إلاَّ بِالشَّيءِ الّذِي لاَ يُحِبّهُ، هَذَا لَيْسَ تَقَرُّبًا إلَى اللهِ عز وجل، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ﴾ [آل عمران: 92]،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (8).