وَلاَ يَغتَابُ، وَلاَ يَنمُّ، ولاَ يَمشِي
بِالنَّمِيمَةِ؛ لأنَّ الّلسَانَ خَطيرٌ، والكَلامُ مَحصِيٌّ عَليكَ، لاَسِيَّما
إذَا كانَ فِيه تَعَدٍّ علَى الآخَرِين، فَاحفَظْ لِسَانَك عَن أذِيّةِ
المسلِمِين، فَاحفَظهُ عمَّا يُؤذِي المُسلِمِين مِن الكَلامِ البَذِيءِ؛ الكلامُ
والشّتمُ والسِّبَابُ وغَيرُ ذَلِك مِن فُحشِ الكلامِ وهَجرِ الكلامِ، فَاحفَظ
لِسَانَك عَن إِخوَانِك المسلمِين، هذَا مِن الإِسلامِ، بَل هُو مِن أَفضَلِ
خِصَالِ الإِسلاِمِ.
قَولُه:
«وَيَدِهِ»: فيَسلم المُسلِمُون مِن
يَدِه؛ فَلاَ يَتَعَدَّى علَيهم بِالقَتلِ، أَو بِالضَّربِ، أَو بِأخذِ
أَموَالِهم.
واليدُ
ذُكِرَت لأنَّها أَغلَبُ الأَدَوَاتِ والأَعضَاءِ الّتِي يُبَاشِر بِهَا
الإِنسَانُ أَعمَالَه، فَيَحفَظُ يَدَه عَن النّاسِ، لاَ يَقتلُ أحَدًا بِغَيرِ
حَقٍّ، ولاَ يضرِبُ أحَدًا بِغَيرِ حَقٍّ، وَلاَ يَأكلُ بِيَدِه أَموَالَ النّاسِ
ويَستَولِي عَلَيهَا، فيَحفَظُ يدَه عَن الظلمِ والتَّعدِّي علَى النّاسِ، هذَا
هُو المسلِمُ، أمَّا الذِي لاَ يكفُّ يَدَه عَن أذِيّةِ المسلِمِين، وَلاَ يَكفُّ
لِسَانَه، فهَذَا وإنْ كَانَ مُسلِمًا لكِنَّه نَاقصُ الإِسلاَمِ، يَكونُ نَاقِصَ
الإِسلاَمِ، فَالمُسلِمُ الكَامِلُ هُو مَن يَكفُّ لِسَانَه، وَيَكفُّ يَدَه عَن
النّاسِ، هَذَا المُسلِمُ الكَامِلُ.
وكمَا
سَبَق أنَّ الإسْلاَمَ وَالإِيمَانَ شَيءٌ وَاحدٌ، وكلُّ مُؤمِنٍ مسْلمٍ، وَلَيسَ
كلُّ مُسلِم يكُونُ مُؤمِنًا، فَالإِسلامُ الصَّحِيحُ لاَ يكُونُ إلاَّ مَعَ
الإِيمَانِ، وَقَد عَدَّ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم كفَّ اللسّانِ وَكَفَّ اليدِ
عَن ظُلمِ النّاسِ عَدَّه مِن الإِسلامِ، وَهُو بِالتّالِي - أيضًا - مِن الإِيمَانِ؛
لأنَّ الإِسلامَ الصَّحِيحَ لاَ بدَّ مَعَه مِن إِيمَانٍ، فمِن لاَزِم الإِسلاَمِ
الصَّحِيحِ الإِيمَانُ،