قَولُه:
«عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ
اللهُ تعالى عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:
أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ
عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»»: الإِسلامُ والإِيمَانُ
يَتَفاضَلُ، خِصَالُ شُعبِ الإِيمَانِ هَذِه تَتَفَاضلُ، بَعضُها أَفضَلُ مِن
بَعضٍ، فَإِطعَامُ الطّعامِ هَذَا مِن خَيرِ خِصَالِ وشُعَبِ الإِيمَانِ
وَالإِسلاَمِ؛ لأنَّ المَالَ مُحبَّبٌ إلَى النفُوسِ، فإذَا بَذَلَه صَاحِبُه مَعَ
أنَّه يُحبُّه، آثَرَ مَحَبَّةَ اللهِ عَلَى مَحبَّةِ المَالِ، هَذَا مِن
الإِيمَانِ، مَا فَعَلَ هَذَا إلاَّ بِسَببِ الإِيمَانِ الّذِي فِي قَلبِهِ.
وكَذَلِك
مِن أَفضَلِ شُعَبِ الإِيمَانِ وَخِصَالِ الإِيمَانِ بَذْلُ السَّلامِ، وَإِفشَاءُ
السَّلامِ عَلَى النَّاسِ؛ يَعنِي: إذَا لَقِيتَ أخَاكَ المسلِمَ، تُسلّم عَلَيه،
تَبدَؤُه بِالسّلامِ؛ تَحِيّةَ أهلِ الجَنّةِ: ﴿تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ﴾ [الأحزاب: 44]، واللهُ جل وعلا هُو السّلامُ، وَمِنهُ
السَّلامُ.
وَبَذلُ
السَّلامِ يَنزِعُ مَا فِي النَّفسِ مِن الحِقدِ، وَالغِلِّ، والحَسَدِ، وَغَيرِ
ذَلِك، فَإذَا سَلَّمتَ عَلَى شَخصٍ، زَالَ مَا فِي قَلبِه مِن الظنُونِ
والهَوَاجِسِ نَحوَكَ، وَإذَا لَم تُسلِّمْ عَلَيه، فَإنَّه يَجِدُ فِي نَفسِه شَيئًا
مِن التَّخوُّفِ مِنكَ، فبَذلُ السَّلامِ فِيهِ خَيرٌ كَثِيرٌ، وهُو دُعَاءٌ
لِلمُسلَّم عَلَيه بِالسَّلامَةِ.
والبدَاءَةُ بِالسَّلامِ سُنَّة تُستحَبُّ، وَرَدُّ السَّلامِ وَاجِبٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ﴾ [النساء: 86]، فَرَدُّها وَاجِبٌ، وَإذَا زَادَ عَلَيهَا، هَذَا سُنَّة ومُستَحبٌّ، فَهَذا مِن الإِيمَانِ، بَذلُ السَّلامِ مِن الإِيمَانِ، وَمِن شُعبِ الإِيمَانِ.