فَمِن كمَالِ الإِيمَانِ أنْ يُحبَّ الأَنصَارَ
رضي الله عنهم، وَمِن نَقصِ الإِيمَانِ أنْ يَكرَهَ الأَنصَارَ رضي الله عنهم، بَل
إذَا كَرِهَ الأَنصَارَ رضي الله عنهم، وَكَرهَ الصَّحابَةَ رضي الله عنهم،
فَهَذِه رِدَّةٌ - والعياذ بالله-، لَكنْ يُحبُّهم مَحَبّةً زَائِدةً علَى
المَحبّةِ - الّتِي هِيَ أَصلُ الإِيمَانِ-؛ يَعنِي: يَزِيدُ فِي مَحبَّتِهم عَلَى
غَيرِهم مِن المُسلِمِين، وَإلاَّ المُسلِمُ يُحبُّ كلَّ المُسلِمِين، لَكنْ
يَزِيدُ الأَنصَارَ رضي الله عنهم مَحبّةً علَى غَيرِهم، لِمَاذَا؟ لِمَا بَذَلُوه
مِن النُّصرَةِ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلأَصحَابِه رضي الله عنهم،
فيَزِيدُ هَؤُلاءِ مَحبَّةً عَلَى مَحبّةِ غَيرِهم مِن المُؤمِنِين؛ لِتَميُّزِهم
بِهَذِه الخَصلَةِ، وَهِي النُّصرَةُ.
فمِن
خِصَالِ الإِيمَانِ وَمِن شُعبِ الإِيمَانِ مَحبّةُ الأَنصَارِ رضي الله عنهم.
وَبِناءً عَلَى ذَلِك لاَ يجُوز تَنقُّصُ أَحدٍ مِن جَمِيعِ الصَّحابَةِ رضي الله عنهم، أَو ذِكرُ شَيءٍ مِن مَعَائِبِهم، وإنَّما يُثنَى عَلَيهم، ويُكرَمُون، ويُحتَرَمُون، فَلاَ يَجوزُ لمُسلمٍ أنْ يَتنَقِصَهم بِشَيءٍ، أَو يَلتَمِسَ لَهُم المَعايِبَ، وَهَذا مِن أصُولِ أهلِ السُّنَّةِ والجمَاعَةِ؛ مَحبَّتُهم لصَحَابةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، والتَّرضِّي عَنهُم، وعَدمُ تَنقُّصِ أَحدٍ مِنهُم، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدَكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بلغ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ» ([1])، فَلاَ يَجُوزُ ذِكرُ شَيءٍ مِمَّا فِيهِ تَنقُّصٌ لِصَحَابةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بَل يَجبُ الثنَاءُ عَلَيهِم واحتِرَامُهم وَمَحبّتُهم؛ لأنَّ اللهَ يُحِبُّهم؛ وَلأنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم يُحبُّهم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3673)، ومسلم رقم (2541).