﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ﴾
[النساء: 97]، هؤُلاَءِ الذِينَ لَم يُهَاجِروا، وَقتِلُوا، قُتِلُوا فِي وَاقِعةِ
بَدرٍ، مَا عَرَفَهم المسلِمُون، قُتِلُوا بِسَبَبِ أنَّهم معَ الكفَّارِ، السبَبُ
أنَّهم مَا هَاجَرُوا، فَصَارُوا مَعَ الكفَّارِ، وَأَجبَرُوهم علَى الخُرُوجِ
مَعَهُم، لَو هَاجَرُوا مَعَ المُسلِمِين، لسَلِمُوا، فهَذِه جَرِيمَةٌ، وهَذَا
ذَنبٌ؛ تَرْكُ الهِجرَةِ مَعَ القُدرَةِ عَلَيها، وَهِي تُضعِفُ مِن الإِيمَانِ،
وَتُعرِّضُ الإِنسَانَ لِخطَرٍ فِي دِينِه، فَالهِجرَةُ مِن الإِيمَانِ، والهِجرَةُ
عمَلٌ، وَالعَملُ دَاخِلٌ فِي الإِيمَانِ - كمَا هُو مَعرُوفٌ.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ
يَكُونَ»؛ يَعنِي: يَقرُبُ، «يُوشِكُ»؛
يَعنِي: يَقرُبُ «أَنْ يَكُونَ خَيْرَ
مَالِ» لِلإِنسَانِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ «غَنَمٌ»؛ يكُونُ مَعَه غَنمٌ، مَا مَعهُ مِليَارَاتٌ، وَلاَ
أَرصِدةٌ، ولاَ..، إنَّما هُو غُنَيمَاتٌ يَسِيرةٌ، يَحلُبُ مِنهَا، وَيَشرَبُ،
ويَأكلُ مِن لحُومها، وَيَنتَفعُ بِهَا.
قَوله
صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ
يَكُونَ خَيْرَ مَالِ» لِلإنْسَانِ فِي آخِرِ الزَّمانِ «غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ»؛
الرَّعيُ، ويَسلَمُ عَلَى دِينِه.
يَرعَى
غَنمًا بَدَلَ أنّه يَصِيرُ فِي عِمَارَاتٍ، وفِي قصُورٍ، وفِي مَلايِينَ
ومِليَارَاتٍ مِن الأَموَالِ، إذَا صَارَ بَقَاؤُه فِي المدُنِ عَلَى خَطَرٍ فِي
دِينِه، فكَونُه يَفِرُّ بِدِينِه وَلَو عَلَى أقلِّ شَيءٍ مِن العَيشِ، خَيرٌ لَه
التمسُّكُ بِدِينِه، وَلَو تَرَكَ المَالَ.
الدِّينُ هُو رَأسُ المَالِ، وَهُو النَّجاةُ، أمَّا الثّروَةُ والمَالُ، فَلا تَنفَعُ الإِنسَانَ فِي آخِرَتِه، إذَا لَم يَكنْ علَى دِينٍ وَعَلى إِيمَانٍ.