حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ» ^([1]).

****

 قوله رحمه الله: «عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ»».

الحَدِيثُ هَذَا تَحتَ تَرجَمَة مِن الإِيمَانِ الفِرَارِ بِالدِّينِ مِن الفِتَنِ، فَالمُؤمِنُ أَغلَى مَا عَلَيه دِينُه، أَغلَى مَا عِندَ المُؤمِنِ دِينُهُ؛ فَلا يُسَاوِمُ عَلَيه، فَإذَا حِيلَ بَينَه وَبَينَ دِينَه بِبَلدٍ، يَنتقِلُ إلَى بَلدٍ آخَر ﴿وَمَن يُهَاجِرۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُرَٰغَمٗا كَثِيرٗا وَسَعَةٗۚ﴾ [النساء: 100]، فيُهَاجِرُ المُسلِمُ، إذَا خَافَ الفِتنَةَ فِي دِينِه، يُهَاجِرُ إلَى بَلدٍ لاَ يُفتَنُ فِيهِ فِي دِينِه.

واللهُ وَسَّع الأَرضَ، وَلَو حَصَلَ عَلَيه خَطرٌ، أَو حَصَلَ عَلَيه شِدةٌ، وَلَم يَستَطِعْ الهِجرَةَ، يَصبِرُ، وَسَيَجعَلُ اللهُ لَه فَرَجًا، اللهُ لاَ يُدِيمُ الشّدةَ عَلَى المُسلِمِ، سَيَجعَلُ اللهُ لَه فَرَجًا.

فَليُهَاجِرْ بِدِينِه، هَذا دَليلٌ عَلَى إِيمَانِه، والهِجرَةُ عَملٌ، فَدلَّ علَى أنَّ العمَلَ يُدخِلُ فِي الإِيمَانِ، والذِي لاَ يُهَاجِرُ بِدِينِه، وَيَتمكَّنُ مِن الهِجرَةِ هَذَا دَليلٌ علَى ضَعفِ إِيمَانِه، مَا نَقولُ: إنَّه يَكفُرُ، الذِي يَترُكُ الهِجرَةَ مِن غَيرِ عُذرٍ هذَا مُخطِئٌ وعَاصٍ، لَكنْ مَا نقُولُ: إنَّه يَكفُرُ، لَكنْ عَلَيه وَعِيدٌ شَدِيدٌ.

---

الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (19).