النَّاحِيةُ الثَّانِيةُ:
أنَّه أَعلَمُ الخَلقِ بِاللهِ عز وجل، فهُو علَّمَه اللهُ أنَّ هَذَا هُو
الطرِيقُ الصَّحيحُ الاعتِدَالُ، الاعتِدَالُ وَالتَّوسّطُ بَيْنَ الإِفرَاطِ
والتَّفرِيطِ هَذَا طَرِيقُ الصَّحِيحِ المستَقِيمِ.
قَالَت
رضي الله عنها: «قَالُوا:
إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ»، ﴿وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ﴾ [الأنعام: 153] مِن السُّبلِ الضَّالّةِ التشَدُّدِ،
وَمِن السُّبلِ الضَّالّةِ التسَاهُلِ، الطَّرِيقِ الصَّحيحِ هُو الاعتِدَال، وهُو
ِصرَاطُ الله.
قَالَت
رضي الله عنها: «قَالُوا:
إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ»؛ يَعنِي: التَمِسُوا
العُذرَ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَوُسُّطِه واقتِصَادِه
واعتِدَالِه فِي العِبَادةِ، التَمِسُوا لَه العُذرَ، قَالُوا: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ»، أمَّا نَحنُ، فَبِحَاجةٍ إلَى
الأَعمَالِ الكَثِيرَةِ؛ لأنَّنَا أَهلُ ذنُوبٍ وأَهلُ مَعَاصٍ، وَلَم يُغفرْ
لنَا.
الرَّسُولُ
صلى الله عليه وسلم غَضِبَ عَلَيهم فِي هَذِه المقَالَةِ؛ لأنَّها مُخَالَفة فِي
سُنةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
قَالتَ
رضي الله عنها: «قَالُوا:
إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ
مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ
الغَضَبُ فِي وَجْهِهِ»، غَضِبَ صلى الله عليه وسلم مِن هَذِه المقَالَةِ،
حتَّى عُرِفَ الغَضَبُ فِي وَجْهِهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَت
رضي الله عنها: «ثُمَّ
يَقُولُ: «إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا»».
لَيْسَ
لأَجلِ أنّه غُفِرَ لَه مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِه وَمَا تَأخّرَ، بَل إنَّه
تَوَسّطٌ فِي العمَلِ؛ لأنَّ هَذَا هُو الذِي يُستَطَاعُ: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16].