بَابٌ: تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي
الأَعْمَالِ
****
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي
مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُولُ
اللَّهُ تَعَالَى: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ
حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا،
فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَا، أَوِ الحَيَاةِ - شَكَّ مَالِكٌ - فَيَنْبُتُونَ
كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ
صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً» قَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو: الحَيَاةِ، وَقَالَ:
خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ
****
مِن مبَاحِثِ الإِيمَانِ أنّه يَزِيدُ
وَيَنقُصُ؛ يَزِيدُ بالطَّاعَةِ، وَيَنقُصُ بِالمَعصِيةِ، وكلَّما أطَاعَ العَبدُ
اللهَ، زَادَ إِيمَانُه بِالطَّاعَةِ، وكلَّمَا عَصَى اللهَ، نَقَصَ إِيمَانُه،
إلاَّ إذَا كَانَ هَذَا شِركًا أَكبَرَ؛ فَإنَّه يَبطُلُ إيمَانُه، أمَّا إذَا
كَانَ الذَّنبُ دُونَ الشِّركِ، فَإنَّه يَنقُصُ الإِيمَانُ، ولاَ يُبطِلُه - هَذا
مذهبُ أهلِ السنة والجمَاعةِ المبنِيّ علَى الكتَابِ والسُّنةِ-؛ خِلافًا
لِلمُرجِئةِ الذِينَ يقُولُون: إنَّ الإِيمَانَ شيءٌ وَاحِدٌ، وأَهلُه فِي أَصلِهِ
سَوَاءٌ، لاَ يَزِيدُ وَلاَ يَنقُصُ.
وهذَا
مُخَالفٌ لِلأَدلّةِ مِن الكِتَابِ والسنَّةِ، ومُخَالفٌ لِعَقِيدةِ أَهلِ
السّنَّةِ والجمَاعَةِ - مِن الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم والتَّابِعِين وَمَن
جَاءَ بَعدَهُم-؛ لِذَلِك عَقَدَ لَه الإِمَامُ البُخَارِي هَذَا البَابَ؛ لأنَّ
أَهلَ الإِيمَانَ يَتَفَاضَلُون، بَعضُهم أَقوَى إِيمَانًا مِن بَعضٍ.
الصفحة 1 / 190