«فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ
فِي النَّارِ» دَلَّ علَى تُحرِيمِ القِتَالِ بَيْن
المُسلِمِين، وَعَلَى أنَّ المُسلِمَ يَكُفُّ عَن الدُّخُولِ فِي الفِتنَةِ.
ودَلَّ
عَلَى أنَّ الإِنسَانَ يُعذَّب عَلَى نِيتِهِ؛ كمَا أنه يُؤجَرُ عَلَى نِيتِه: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ
صَاحِبِهِ».
والشَّاهِدُ
مِن هَذَا البَابِ: أنَّ القَتلَ وإنْ كَانَ كَبِيرةً
مِن كبَائِرِ الذّنُوبِ، فَإنَّه لاَ يُخرِجُ مِن الإِسلاَمِ، وَلاَ يَقتَضِي
الكُفرَ؛ لأِنَّه قَالَ: «إِذَا التَقَى
المُسْلِمَانِ»، انظُر: «المُسْلِمَانِ»،
مَا سَلَبَ عَنهُما الإِسلاَمَ، دَلَّ عَلَى أنَّ القِتَالَ بَينَهُما لاَ
يُخرِجُهما مِن الإِسلاَمِ، «إِذَا
التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا»، فَالقَاتِلُ - وإنْ كَانَ مُسلِمًا-،
والقَتِيلُ - وإنْ كَانَ مُسلِمًا - كِلاَهُما فِي النّارِ، مَعَ أنَّهمَا
مُسلِمَان، فَدَلَّ عَلَى أنَّ المُسلِمَ قَد يَدخُلُ النّارَ بِالكَبِيرَةِ
الّتِي فَعَلَهَا.
وَفِي
هَذَا ردٌّ عَلَى المُرجِئَةِ - أيضًا-، الّذِين يَقُولُون: لاَ يَضُرُّ مَعَ
الإِيمَانِ مَعصِيةٌ. الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَخبَرَ أنّه يَدخُلُ
النَّارَ وُهو مُسلِمٌ ومُؤمِنٌ، دَلَّ عَلَى أنَّ المَعصِيةَ تضُرُّ، لاَ كَمَا
تَقُولُه المُرجِئَةُ: لاَ يَضُرُّ مَعَ الإِيمَانِ مَعصِيَةٌ.
فَفِي
هذَا ردٌّ عَلَى الخَوَارجِ مِن نَاحِيةٍ، وَرَدٌّ عَلَى المُرجِئَةِ، وَدَليلٌ
لِمَذهَبِ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وهُو المَذهَبُ الوَسَطُ وَالاعتِدَالُ
- وللهِ الحَمدُ-.
***
الصفحة 7 / 190