×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

 أنّه لاَ يَدخُلُ الإِنسَانُ فِي الفِتنَةِ، إذَا شَبَّت فِتنَةٌ بَيْنَ المُسلِمِين، وَتَقَاتَلوا، أَنتَ لاَ تَدخُلُ مَعَهم، إنْ أَمكَنَ تُصلِحَ بَينَهم، أَصْلَحَ، وَإلاَّ فلاَ تَزِدْ الشَّرَّ شَرًّا، وَلاَ تَدخُل بَينَهم، أَمسِكْ عَن الدُّخُولِ بَينَهُم؛ لأنَّه قِتَالُ فِتنَةٍ.

فَرَجَع الأَحنَفُ بنُ قَيسٍ رحمه الله فَدلَّ هذَا عَلَى أنَّ الوَاجِبَ عَلَى المُسلِمَ - إذَا حَصَلَ قِتالٌ بَيْن المُسلِمِين - ألاَّ يَدخُلُ فِي الفِتنَةِ؛ وَأنْ يَكُفَّ، إلاَّ إذَا كَانَ يَقدِرُ علَى الصُّلحِ بَينَهم، فَإنَّه يُصلِحُ بَينَهم.

الشَّاهِدُ مِنهُ قَولُه: «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا»؛ يَعنِي: كلُّ وَاحدٍ يُرِيدُ أنْ يَقتُلَ الآَخَرَ.

قَولُهُ صلى الله عليه وسلم: «فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ»؛ لأِنَّه لاَ يَجُوزُ لِلمُسلِمِين أنْ يَتَقَاتَلاَ. فَالقَاتِلُ فِي النّارِ؛ لأِنّه قَتَلَ، وهَذِه كَبِيرَةٌ مِن كبَائِرِ الذّنُوبِ، تُوجِبُ دخُولَ النّارِ، لَكِنَّ المَقُتوَل كَيفَ يكُونُ فِي النّارِ وَهُو مَقتُولٌ؟ سَأَلَ أبُو بَكرَةَ رضي الله عنه النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المَقْتُولِ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ»»، فعُوقِبَ مِن أَجلِ نِيّتِه؛ لأِنَّه يُرِيدُ قَتلَ أَخِيهِ، فَعُوقِبَ عَلَى نِيتِه؛ أنْ يَقتُلَ أخَاه لَو ظَفَرَ بِذَلِك، فَدلَّ عَلَى تَحرِيمِ القِتَالِ بَيْن المُسلِمِين - حتَّى النِّيّةَ؛ مَا تَنوِي هَذَا-، تَحرِيمِ القِتَالِ، وَنِيةِ القِتَالِ بَيْن المُسلِمِين، وَأنَّه كَبِيرةٌ مِن كبَائِرِ الذنُوبِ؛ لأِنَّه قَالَ: «فِي النَّارِ»، وَلَيْس مَعنَى «فِي النَّارِ» أنَّهمَا خَالِدَان فِيهَا، أَو كَافِرَان، لاَ، «فِي النَّارِ» مِن بَابِ الوَعِيدِ، المُسلِمُ يُمكِنُ يَدخُلُ النّارَ بِذُنُوبِه، فَهَذا مِن بَابِ الوَعِيدِ.


الشرح