×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

بَابٌ: ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

****

  مُرَادُ الإِمامُ البُخَارِي رحمه الله فِي هَذِه التَّرجَمةِ أنَّ الظّلمَ يَنقَسِمُ إلَى قِسمَين:

القِسمُ الأَوّلُ: ظُلمٌ أَكبَرُ.

القِسمُ الثَّانِي: ظُلمٌ أَصغَرُ.

مِثلُ مَا سَبَقَ أنَّ الكفْرَ يَنقَسمُ إلَى قِسمَين: كُفرٌ أَكبَرُ، وَكُفرٌ أَصغَر.

ومِثلُ الشِّركِ: شِركٌ أَكبَرُ، وَشِركٌ أَصغَرُ.

والوَاجِبُ عَلَى طَالِبِ العِلمِ أنْ يَعرِفَ هَذَا، ويُميّزُ بَيْن مَا هُو أَكبَر وَمَا هُو أَصغَر؛ لأِنَّ بَعضَ النّاسِ يُعمِّمُ، فَيَحكُمُ عَلَى النّاسِ بِحكْمٍ خَاطِئٍ، ولاَ يُفصِّل، فَقَد يَأخُذُ الأَكبَرَ فِي كلِّ شَيءٍ، وَقَد يَأخُذُ الأَصغَرَ فِي كلِّ شَيءٍ، الوَاجِبُ أنْ يُفصِّل فِي هَذَا؛ لأِنَّ هَذَا يَتَرَتَّب عَلَيه أَحكَامٌ شَرعِيةٌ، فَلاَ بُدّ مِن التَّفصِيلِ؛ فَلِذَلك عُنِيَ العُلمَاءُ رحمهم الله - كَالإِمَامِ البُخَارِي وَغَيرِه - بِبَيانِ هَذِه الأمُورِ، يَجِبُ أنْ يُعرِّفَ النّاسَ هَذِه الأَشيَاءَ، وَيُنزِلُوها عَلَى مَنَازِلِها.

والظّلمُ فِي الّلغَةِ: وَضعُ الشَّيءِ فِي غَيرِ مَوضِعِه، وهُو ثَلاثَةُ أَقسَامٍ:

القِسمُ الأَوّلُ: ظُلمُ الشِّركِ، هَذَا أَشدُّ أَنوَاعِ الظُّلمِ، وَهَذَا لاَ يَغفِرُه اللهُ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ [النساء: 48].

فَالشِّركُ ظُلمٌ؛ لأِنّه وَضعٌ لِلعِبَادةِ فِي غَيرِ مَوضِعِها، وَهُو ظُلمٌ أَكبَرُ يُخرِجُ مِن المِلّةِ، هَذَا النَّوعُ الأَوَّلُ: قَالَ اللهُ جل وعلا فِي قِصةِ لُقمَانَ: ﴿لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ [لقمان: 13].


الشرح