القِسمُ الثَّانِي:
ظُلمُ العَبدِ لِنَفسِه بِالمَعَاصِي؛ فَإنَّه إذَا عَصَى اللهَ، فَقَد وَضَعَ
نَفسَه فِي غَيرِ مَوضِعِها، وعَرَّضَها لِلعَذَابِ وَالعقُوبَةِ، وَكَانَ
الوَاجِبُ عَلَيه أنْ يُكرِمَ نَفسَه، وأنْ يُزكِّيهَا بِالطّاعَةِ، وَيَحمِيهَا
مِن المَعَاصِي وَمَا يَضرَّها، هَذَا هُو الوَاجبُ عَلَيه، فإذَا أَهمَلَها،
فَقَد ظَلَمَها، ظَلَمَ نَفسَه.
القِسمُ
الثّالِثُ: ظُلمُ النّاسِ والتَّعدِّي عَلَيهم بِدِمَائِهم،
وَأَموَالِهم، وَأَعرَاضِهم، فَهَذَا ظُلمُ النّاسِ.
فَالنَّوعُ
الأَوّلُ: وهُو ظُلمُ الشِّركِ، لاَ يَغفِرُهُ اللهُ.
والنَّوعُ
الثّانِي: وهُو ظُلْم النَّفسِ، فَهَذا تَحْتَ المَشِيئةِ؛ إنْ
شَاءَ اللهُ غَفَر لِصَاحبِه، وَإنْ شَاءَ عذَّبَه.
والنَّوعُ
الثّالِثُ: وهُو ظُلمُ العِبَادِ، هَذَا لاَ يَترُكُ اللهُ مِنهُ
شَيئًا؛ لأِنَّه لاَ يُسقِطُ حقَّ المَخلُوقَ؛ حتَّى يَسمَحَ عَنه، فَلاَ يُترَكُ
مِنهُ شَيءٌ، مَا دَامَ المَظلُومُون يُطالِبُون بِحُقُوقِهم، فَلاَ بُدَّ مِن
أَدَائِها، وَلاَ يَعفُو اللهُ عَنهَا؛ حتَّى يَعفُو عَنهَا صَاحِبُها الّذِي
ظُلِم. فَهَذِه أَنوَاعُ الظلْمِ.
·
والظُّلمُ
نَوعَانِ:
النَّوعُ
الأَوّلُ: ظلمٌ أَكبَر يُخرِجُ مِن المِلّةِ، وَهُو: الشِّركُ،
الشِّركُ الأَكبَرُ يُخرِجُ مِن المِلّةِ.
النَّوعُ
الثّانِي: ظُلمٌ أَصغَرُ، وهُو ظُلْم العَبدِ لِنَفسِه، هَذَا
لاَ يُخرِجُ مِن المِلّةِ، لَكنَّه مُحرَّمٌ، أَو ظُلمُ النّاسِ - أيضًا-، هذَا
لاَ يُخرِجُ مِن المِلّةِ، وهُو مُحرَّمٌ وَكَبِيرةٌ مِن كبَائِرِ الذّنُوبِ،
لَكنَّه لاَ يُخرِجُ مِن المِلّةِ.
فظُلمُ
العَبدِ لِنَفسِه، وظُلمُ النّاسِ يَدخُلُ تَحتَ الظُّلمِ الأَصغَر.