حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ، ح قَالَ: وحَدَّثَنِي بِشْرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ، عَنْ
شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم
بِظُلۡمٍ﴾ [الأنعام: 82] قَالَ
أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ
عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13] ([1]).
****
لمَّا
نَزَلَ قَولُه تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ﴾
[الأنعام: 82]؛ أيْ: لَم يَخلُطُوا إِيمَانَهم بِظُلمٍ، ﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، شَقَّ ذَلِك عَلَى الصَّحابَةِ رضي الله
عنهم، قَالُوا: «يَا رسول الله! أَيُّنَا
لَمْ يَظْلِمْ؟»، فإذًا يكُونُونَ كلُّهم قَد لَبِسُوا إِيمَانَهم بِظُلمٍ؛
لأِنَّهم لاَ يَسلَمُون مِن المَعَاصِي، النّبيُّ صلى الله عليه وسلم بيَّنَ لَهُم
المُرادَ بِالآيَةِ، وَأنَّه لَيْسَ المُرَادُ ظُلمَ المَعَاصِي، وَإنَّمَا
المُرَادُ ظُلمُ الشِّركِ، وَتَلاَ عَلَيهِم قَولَه تَعَالى: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ
لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان:
13]، فَالمُرَادُ بِالظلْمِ فِي الآيَةِ ظُلمُ الشِّركِ، لاَ ظُلمَ المَعَاصِي،
فَزَالَ الإِشكَالَ - والحَمدُ للهِ-.
دلَّ
الحَدِيثُ علَى أنَّ الظُّلمَ يَنقَسِمُ إلَى قِسمَين: ظُلمُ
الشِّركِ، وَظُلمُ المَعَاصِي.
ظُلمُ الشِّركِ الأَكبَرِ يُخرِجُ مِن المِلّةِ، وَظُلمُ المَعَاصِي لاَ يُخرِجُ مِن المِلّةِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (32).
الصفحة 3 / 190