أمَّا الفَوضَى - كلٌّ يُقاتِلُ، وكلٌّ يَحمِلُ
سِلاَحًا، أَو تُكوَّن عِصَابَاتُ جَمَاعَاتٍ، وَكلُّ وَاحِدة تُقَاتِلُ الأُخرَى-،
فَهَذا لَيْسَ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ، هَذَا إِفْسَادٌ فِي الأَرضِ، أَو
يَقتُلُ مَن حرَّمَ اللهُ قَتلَه مِن الكُفَّارِ، هَذَا لَيْسَ جِهَادًا فِي
سَبِيلِ اللهِ؛ لَيْسَ كلّ كَافرٍ يُقتَلُ؛ هُنَاكَ كَافِرٌ مَعصُومُ الدّمِ
بِالعَهدِ، بِالذّمَّةِ، بِالاستِئمَانِ، أي: أَخذُ الأَمَانِ، مَنَادِيبُ
الكفَّارِ ورُسُلُ الكفَّارِ يَأتُون إلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم،
وَيَستَقبِلُهم صلى الله عليه وسلم، وَيَتَفَاوضُ مَعَهم، وَلاَ يَقتلُهُم، بَل
يَترُكُهم يَذهَبُونَ إلَى دُوَلِهم، وإلَى جَمَاعَتِهم حتىَّ يَرجِعُوا،
يُؤمنِّهم َما دَامُوا فِي بِلادِ المُسلِمِين.
فيَنبغِي
مَعرِفَةَ هَذِه الأمُورَ؛ لأِنَّه فِي هَذَا الزَّمانِ يُلتَبسُ فِيهِ الحقُّ،
وفَهِمُوا أنَّ كلَّ قَتلٍ فَهُو جِهَادٌ، قَتلُ الكَافِرِ مَهمَا كَانَ هَذَا
جِهَادٌ. هَذَا غَلطٌ؛ الجِهَادُ لَه ضوَابِطٌ وشُرُوطٌ وأَحكَامٌ مُدَوَّنَةٌ فِي
كتُبِ الحَدِيثِ، وَفِي كتُبِ السُّنَّةِ، وفِي كتُبِ الفِقهِ مُدَوَّنَة
ومُبيَّنَة، فَهَل نَلغِيهَا كلَّها، وََنقولُ: احِملِ السِّلاَحَ وَلاَ عَلَيكَ،
وَاقتُل مَن وَلِيتَ؟!! هَذِه فَوضَى، لَيْسَ هَذَا هُو الجِهَادُ، وهَذَا يَضُرُّ
المُسلِمِين، وَيَضرّ الإِسلاَمَ أَكثَرُ مِمَّا يَنفَعُ -إِنْ كَانَ فِيهِ نَفعٌ-.
***
الصفحة 4 / 190