يَقتُلُ أَهلَ الذِّمّةِ، ويَقتُل
المُستَأمَنِين، وَيَقتُلُ كلَّ مَن وَجَدَه، هَذَا لَيْسَ جِهَادًا، هَذِه
خِيَانةٌ وَسَفكُ دِمَاءٍ، يُفجِّر؟! هَذِه خِيَانةٌ، ويُهلِكُ نَاسًا مَا لَهُم
ذَنبٌ، وَيُخرِّبُ الأَموَالَ، أَهَذَا جِهادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ؟! هَذَا
إِفسَادٌ، هَذَا إِفسَادٌ فِي الأَرضِ.
أمَّا
الجِهَادُ، فَمَا يَكُونُ إلاَّ بِرَايةٍ يَعقِدُها وَلِيُّ
الأَمرِ، وَيَستَنفِرُ المُجَاهِدِين، يُجهِّزُهم، وَيَقُودُهم، أَو يُوكِّلُ مَن
يَقُودُهم نِيَابةً عَنه.
والرَّسولُ
صلى الله عليه وسلم يَتَمنَّى أنّه يُقتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ؛
لِمَا لِلشَّهِيدِ مِن الأَجرِ العَظِيمِ؛ يُقتَلُ، ثمَ يَحيَا، ثمَّ يُقتَلُ،
ثُمَّ يَحيَا، ثمَّ يُقتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَولاَ مَشَاغِلُه صلى الله عليه
وسلم فِي أمُورِ المُسلِمِين وَقَضَايَا المُسلِمِين، مَا تَخلَّفَ عَن سَرِيّةٍ،
وَإلاَّ قَادَ جَمِيعَ السَّرَايَا والجُيُوشَ بِنَفسِه صلى الله عليه وسلم؛ لِمَا
لِلجِهَادِ مِن الفَضلِ العَظِيمِ، هَذَا يَدلُّ عَلَى فَضلِ الجِهَادِ.
الجِهَادُ
لَيْسَ أيُّ قِتَالٍ أَو سَفكُ دِمَاءٍ، ولاَ هُو بِالتَّخرِيبِ، وَلاَ هُو
بِقَتلِ النَّفسِ الّتِي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحقِّ؛ قَتلُ المستَأمَنِ، قَتلُ
الذِّمّيِّ، قَتلُ المُعَاهَدِ هَذَا حَرَامٌ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا
تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» ([1])،
هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ.
فيَنبَغِي أنْ يُعرَفَ مَا هُو الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ الجِهَادُ هُو: الّذِي شَرَعَه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِأَمرِ اللهِ، وَقَادَه بِنَفسِه، أَو كلُّ مَن يَقُودُ المُسلِمِين أَو السَّرَايَا وَالجيُوشِ، فَهَذا هُو الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3166).