×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

فَتكُونُ مِثلَ الخَوَارِجِ، وَلاَ تَعتَمِد علَى الرَّجاءِ فَقَطْ، فتكُونُ مِثلَ المُرجِئَةِ، وَلَكن بَيْن الخَوفِ وَالرَّجَاءِ: ﴿وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ [الإسراء: 57]، هَذِه سِيرَةُ الأَنبِيَاءِ - علَيهِم الصّلاة والسلام - تَجمَعُ بَيْن الخَوفِ وَالرَّجاءِ.

قَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ»؛ يَعنِي: استَعِينُوا عَلَى السَّيْرِ الحِسِّي، المُسَافِرُ السَّفَرَ الحِسِّيّ بَيْنَ البِلاَدِ لاَ يَسِيرُ وَسَطَ النَّهَارِ وَقتِ الشَّمسِ، وَلاَ يَسهَرُ الّليْلَ كلَّه بِالسَّيرِ، بَل يَستَغِلّ وَقتَ الإِبرَادِ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «الْغَدْوَة»، وَهِي الصَّبَاحُ فِي البَردِ، «وَالرَّوْحَةِ»؛ بَعدَ الظُّهرِ وَبَعدَ مَا يَبْردُ الجَوُّ، «وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ»؛ مِن الّليلِ، لَيْسَ كلُّ الّليْلِ، خُذ مِن الّليلِ وَقتَ الدُلَجَةِ - أَيْ: آَخِر الّليْلِ-؛ بِهَذا تَقطَعُ المَسَافةَ، وَأَنتَ مِرتَاحٌ، هَذَا لِلسَّفرِ الحِسّيِّ.

السَّفرُ المَعنَوِي إلَى الآخِرَةِ مِثلِه - أيضًا-، استَغَلَّ أوْقَاتَ الإِبرَادِ وأَوقَاتَ النَّشَاطِ، وَارَتَاح فِي الأَوقَاتِ الشَّاقّةِ، ارتح وَقتَ القَيلُولَةِ، وَقْتَ النَّومِ بِالّليْلِ نَم، لَكنْ تداوم عَلَى هذَا، «أَحَبُّ الأَعمَالِ عِندَ اللهِ أَدوَمُها، وَإِنْ قَلَّ» ([1])، تَدَاوَمَ عَلَى هَذَا، المَطلُوبُ المُدَاومَةُ، أمَّا أَنّك فِي يَومٍ تُفنِي نَفسَكَ، وَفِي يَومٍ مَا تَفعَلُ شَيئًا، فَهَذَا لاَ يَصلُحُ.

***


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6464)، ومسلم رقم (783).