قَالَ مَالِكٌ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ،
أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله
عنه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ
سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ
أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إلاَّ أَنْ
يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا» ([1]).
****
قَولُه
رحمه الله: «بَابُ حُسْنِ
إِسْلاَمِ المَرْءِ» نَعَم، «مِنْ
حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ» ([2])،
مَتَى يَكُونُ إِسلاَمُ المَرءِ حَسَنًا؟ إذَا كَانَ إِسلاَمُه عَلَى طَاعَةِ
اللهِ وَعَلَى أَوَامِرِ اللهِ، وَلاَ يَعتَرضُ عَلَى شَرعِ اللهِ عز وجل، بَل
يَستَسْلِمُ، وَيُطِيعُ، ويَنقَادُ، وَتَطِيبُ نَفسُه بِذَلِك.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «حَسُنَ إِسلاَمُه»؛ يَعنِي: استَقَامَ، استَقَامَ عَلَى الاعتِدَالُ؛
لاَ غُلُوَّ، وَلاَ جَفَاءَ، بَل يَكُونُ مُتَوسِّطًا فِي دِينِه بَيْن الإِفرَاطِ
وَالتَّفرِيطِ، هَذَا حُسنُ الإِسلاَمِ، فَإنْ أَفرَطَ وَغَلاَ، فَهَذَا مِن
السُّوءِ، وَإنْ فَرَّطَ وَجَفَا، فَهَذَا مِن السُّوءِ، أمَّا الحُسْنُ، فَهُو
مَا بَيْن الإِفرَاطِ وَالتَّفرِيطِ وَالجَفَاءِ والتَّشدُّدِ.
قَولُه صلى الله عليه وسلم: «يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا»، إذَا أَسلَمَ، إذَا أَسلَمَ المَرءُ وتَابَ إلَى اللهِ، دَخَلَ فِي الإِسلاَمِ، فَالإِسلاَمُ يَجُبُّ مَا قَبلَه، التَّوبَةُ تَجُبُّ مَا قَبلَهَا مِن الكُفرِ والشَّركِ، وَالأَعمَالُ القَبِيحَةُ كلُّها يُكفِّرهَا اللهُ بِالتَّوبَةِ: ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38]، وفِي الحَدِيثِ: «الإِسْلاَمُ يَجُبُّ مَا قَبْلَه، وَالتَّوبَةُ تَجُبُّ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (41).