﴿دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ﴾، فَجَعَلَ الزَّكاةَ مِن ﴿دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ﴾؛
يَعنِي: الدِّينُ القَيِّمُ، المِلّةُ القَيِّمَةُ المُستَقِيمَةُ.
والزَّكاةُ
عمَلٌ، وَحقٌّ مَالِيٌّ، فَدَلَّ علَى أنّ الأَعمالَ والصَّدقَاتِ مِن الإِيمَانِ.
الشَّاهِدُ
فِي الحَدِيثِ قَولُه: «لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ»؛ فدلَّ علَى أنّ الإِيمانَ
يَزِيدُ ويَنقُص، وهَذَا الرَّجلُ جَاءَ يَسألُ عَن دِينِه مُهتَمًّا بِذَلِك مِن
بَعِيدٍ، جَاءَ إلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم قَادِمًا مِن سَفَرٍ أَشعَثَ
ثَائِرَ الرَّأسِ ويُتَمْتِم بِكلاَمٍ لاَ يَفهَمُونَه، حتَّى جَلَسَ إلَى
الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فسَألَه عَن الإِسلاَمِ، فَأخَبَره النّبيُّ صلى
الله عليه وسلم بِهَذه الفَرائِضِ: الصَّلاةِ، والزَّكاةِ، وَأَخبَره بِفَرَائِضِ
الإِسلاَمِ، وَكلُّ مَرّةٍ يقُولُ: «هَلْ
عَلَيَّ غَيْرُهَا؟»؛ هَل عَلَيَّ غَيرُ الصَّلوَاتِ الخَمسِ؟ قَالَ صلى الله
عليه وسلم: «لاَ، إلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ»،
الصَّلاةُ المَفرُوضَةُ هِي الصَّلوَاتُ الخَمسُ، بَقِيةُ الصَّلوَاتِ كلِّها
نَافِلةٌ، ولَيْسَت فَرِيضةً، والزَّكَاةُ - أيضًا - هَذِه فَرِيضةٌ، والصَّدقَةُ
التَّبَرعُ والتَّطوُّعُ هَذِه نَافِلةٌ؛ «إِلاَّ
أَنْ تَطَوَّعَ».
فَالرَّجلُ
قَالَ: «لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ
أَنْقُصُ»، الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَقرَّه عَلَى ذَلِك، قَالَ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»؛ يَعنِي: إنْ
صَدَقَ أنَّه يَأتِي بِالفَرَائِضِ، وَلاَ يَزِيدُ عَلَى غَيرِها، فَقَد أَفلَحَ؛
لأنَّ الأَصلَ هُو الفَرَائِضُ، فَإذَا أَتَى بِها المُسلِمُ، كفَى هَذَا،
الفَرَائِضُ زِيَادةٌ، زِيَادةُ خَيرٍ، وَلاَ يُنقِصُ مِن الفَرَائِضِ؛ لاَ
يَتْركُ الصَّلاةَ، لاَ يَتْركُ الزَّكاةَ، لاَ يَتْركُ الصّيامَ، فَالرَّجلُ
تَعهَّد أنَّه مَا يُنقِصُ شَيئًا مِن الفَرَائضِ، وَأمَّا النَوافِلُ، فَلاَ
يَزِيدُ غَيرَ