كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ
أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ - قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ-، فَإِنَّهُ
يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ»؛ نَعَم اتّباعُ الجَنَائِزِ مِن
الإِيمَانِ، بِدَليلِ قَولِه: «مَنِ
اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا»، فدلَّ علَى أنَّ
اتّباعَ الجنَائِزِ -وهُو عَملٌ- أنَّه مِن الإِيمَانِ.
تَشيِيعُ
الجنَازَةِ مُستَحَبٌّ مُتأَكَّدٌ، وهُو مِن حقِّ المُسلِمِ عَلَى أَخِيهِ
المُسلِمِ، إذَا مَاتَ، يَتّبعُ جَنَازَتَه، يُشَيِّعه، يَدعُو لَه، يُصلِّي
عَلَيهِ، يَحمِلُه، يَدفِنُه ([1])،
كلُّ هَذَا مِن تَشيِيعِ المُسلِمِ، فإذَا تكَامَلَ تَشيِيعُ الجنَازَةِ، صَلَّى
عَلَيهَا، ذَهَبَ مَعَهَا إلَى المَقبَرةِ، شَارَكَ فِي دَفنِها، أَو حَضَرَ
دَفنَها، فَإنَّه يَحصُلُ علَى قِيرَاطَينِ مِن الأَجرِ.
القِيرَاطُ
فِي الأَصلِ قَليلٌ عِندَ النّاسِ، وهُو ثُلُثُ الثُمُنِ، جُزءٌ مِن أَربعَةٍ
وعِشرِينَ جُزءًا، هَذَا عِندَ النّاسِ، لَكنَّه عِندَ اللهِ عَظِيمٌ؛ مِثلُ:
جبَلِ أُحدٍ، فقِيرَاطُ الآخِرةِ يَختَلِفُ عَن قِيرَاطِ الدُّنيَا.
والشَّاهِدُ مِن هَذا: فَضلُ اتّباعِ الجنَائزِ المُسلِمَةِ، وأنّه مِن الإِيمَانِ اتّباعُها إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، فَإذَا أَكمَلَ التَّشيِيعَ، حَصَلَ عَلَى كمَالِ الأَجرِ؛ علَى قِيرَاطَين عَظِيمَين، كلُّ وَاحدٍ مِنهُما مِثلُ جَبلِ أُحدٍ، وَإنْ اقتَصَرَ عَلَى بَعضِ أَحوَالِ الجنَازَةِ؛ بِأنْ صلَّى عَلَيهَا، وَرَجَعَ، لَم يَتبَعْها، يكُونُ لَه قِيرَاطٌ وَاحدٌ مِن الأَجرِ؛ فَفِيهِ فَضلُ تَشيِيعِ الجنَائِزِ، وفَضلُ إِكمَالِ التَّشيِيعِ إلَى أنْ تُدفَنَ، وأنَّ ذَلِك مِن الإِيمَانِ؛ لِقَولِه صلى الله عليه وسلم: «إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا»، هَذَا وَاضحٌ أنَّ الأَعمالَ تُسمَّى إِيمَانًا؛ كَمَا سبَقَ فِي الصَّلاةِ فِي قَولِه
([1]) أخرجه: البخاري رقم (272)، ومسلم رقم (2162).