×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لأُِخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ» ([1]).

****

خَرَجَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن بَيتِه، يرِيدُ أنْ يُخبِرَأَصحَابَه رضي الله عنهم بِلَيلَةِ القَدرِ فِي أَيّ لَيلَةٍ هِي، فَحَصَلَت خصُومةٌ، تَخَاصَمَ عِندَه رَجُلانِ، فَشَغَلاه عَن بَيانِ لَيلَةِ القَدرِ، ثمَّ نَسِيَها صلى الله عليه وسلم.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَتْ»؛ يَعنِي: نَسِيَها، رُفعِتْ مِن ذَاكِرَتِه، لاَ أنَّها رُفعِت مِن رَمَضَان، لاَ، رُفِعَت مِن ذَاكِرتِه صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قَالَ: «لَعَلَّ فِي ذَلِكَ خَيرًا»؛ لأِنّه إِذَا خَفِيَت عَلَيهم - وَعِندَهم رَغبَةٌ فِي الخَيرِ-، سيُكثِرُون مِن قِيامِ الّليلِ، وَفِي كلِّ الليَالِي؛ مِن أَجلِ التِمَاسِها، فَيَحصُل لهُم زِيَادةُ أَجرٍ، خَيرٌ، فَإِخفَاؤُها أَحسَنُ لَهُم مِن بيَانِها؛ لأنّه لَو بُيِّنت، لاَقتَصَرُوا عَلَيها، وَإذَا أُخفِيَت وعِندَهم رَغبَةٌ فِي الخَيرِ، فَسَيقُومُون كلَّ الليَالِي؛ رَغبةً فِي مُصَادَفَتِها، فيَحصُلُون علَى قِيامِ رمَضَانَ كلَّه كَاملاً، هَذا هُو الخَيرُ، فيَحصُلُ لَهم قِيامُ رَمَضانَ، ويَحصُل لَهم قِيامُ لَيلَةِ القَدرِ، أَلَيسَ هَذَا خَيرًا؟ هَذَا خَيرٌ.

واللهُ جل وعلا أَخفَاهَا لِحِكمَةٍ؛ لأِجلِ أنْ يَجتَهدَ المُسلِمُون فِي كلِّ رَمَضَانَ، وَلأِجلِ أنْ يَتَميَّزَ الرَّاغِبُ فِي الخَيرِ مِن الكَسلاَنِ، الكَسلانُ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (49).