×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

اللهُ جل وعلا أَمَرَ بِإقَامَةِ الحدُودِ، وَأَمَر بِإقَامَةِ التَّعزِيرِ، الدِّينُ لَيْسَ فِيه مُجَاملَةٌ، وَلاَ تَسَاهلٌ.

هَؤُلاءِ يَقُولُونَ: تَسَامَحُوا، دِينُ الإِسلاَمِ التَّسَامُحُ.

تَسَامحٌ فِيمَا يَجُوزُ فِيه التَّسَامُحُ - حقُوقُ الآدَمِيّين-، أمَّا حقُوقُ اللهِ، فَلاَ يَجُوزُ التَّسَامحُ فِيهَا، حتَّى يَسمَحَ اللهُ سبحانه وتعالى، أَو يَعفُو اللهُ، أمَّا أَنتَ، فَلاَ تَملِكُ أنْ تُسَامِحَ عَن حقُوقِ اللهِ، وَلِهذَا مَن تَسَامحَ عَن إِقَامةِ الحدُودِ، لَعَنَه اللهُ جل وعلا: «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ» ([1])، فَلا يجُوزُ التسَامحُ فِي الحدُودِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَعَافَوْا فِيمَا بَيْنَكُمْ، قَبْلَ أَنْ تَأْتُونِي، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ» ([2])، وقَالَ: «إِذَا بَلَغَ الإِْمَامَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ» ([3])، فلاَ يجُوزُ التسَامحُ فِي أمُورِ الدّينِ وحقُوقِ اللهِ، لَيسَ فِيهَا تَسَامُحٌ وكَذلِك النّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» ([4])؛ إِنسَانٌ عَلَيه حدٌّ جَرِيمةٌ، يَأتِي شَخصٌ، وَيَحمِيه، لاَ يُقَامُ عَلَيه الحدُّ؛ هَذا ملْعُونٌ؛ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا».

فَاللهُ جل وعلا أَمَرَ بِالصَّرَامَةِ فِي إقَامةِ الحدُودِ ومعَاقبَةِ المُجرِمِين؛ لأِجلِ أنْ يَرتَدِعُوا، وَحِمَايةً لهَذَا الدِّينِ مِن التلاَعُبِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود (3597)، وأحمد رقم (5385)، والبيهقي في «الشعب» رقم (6309).

([2])  أخرجه: أبو داود قم (4376)، والنسائي رقم (4885)، والدارقطني رقم (3199).

([3])  أخرجه: مالك في «الموطأ» رقم (29)، والدارقطني رقم (3467)، والطبراني في «الكبير» رقم (158).

([4])  أخرجه: البخاري (1870)، ومسلم (1978).