ثمَّ سألَه عَن الإِيمَانِ، قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ
وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، واليَومِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ
بِالقَدَرِ خَيرِه وَشَرِّه».
هَذِه
أَركَانٌ بَاطِنةٌ فِي القَلبِ - الإِيمَانِ-، فَلا بُدَّ مِن اجتِمَاعِ
الأَركَانِ الظَّاهِرةِ وَالأَركَانِ البَاطِنةِ، لاَ يَكفِي الإِسلاَمُ بِدُونِ
إِيمَانٍ، وَلاَ يَكفِي الإِيمَانُ بِدُونِ إِسلاَمٍ، وَذِكرُ الدِّينِ
بِأَركَانِه الظَّاهِرةِ وَالبَاطِنةِ.
فَمِن
العُلمَاءِ مَن يَقُولُ: الإِسلاَمُ والإِيمَانُ شَيءٌ
وَاحِدٌ؛ كَالإِمَامِ البُخَارِي رحمه الله، وَجَمعٌ مِن الأَئِمةِ، يَرَونَ أنَّه
لاَ فَرقَ بَيْن الإِسلاَمِ وَالإِيمَانِ، وَالجُمهُورُ عَلَى أنَّ هُنَاكَ فَرقًا
بَيْنَ الإِسلاَمِ وَالإِيمَانِ؛ الإِسلاَمِ هُو الأَركَانُ الظَّاهِرةُ،
وَالإِيمَانُ هُو الأَركَانُ البَاطِنةُ - أَركَانُ الإِيمَانِ السِّتّةِ-،
وَالدِّينُ هُو الجَمعُ بَيْن الأَركَانِ الظَّاهِرةِ وَالبَاطِنةِ.
وَيقُولُون:
كلُّ مُؤمنٍ هُو مُسلِم، وَلَيْسَ كلُّ مُسلمٍ مُؤمِنًا، قَد يَكُون مُسلِمًا
فَقَطْ؛ يَستَسلِمُ، وَيُصلِّي، ويَصُومُ، لَكنْ لَيْسَ عِندَه إِيمَانٌ؛ مِثلَ:
المُنَافقِين، المُنافِقُون يَستَسْلِمُون، وَيُصَلّون، ويُزكُّون، ويَعمَلُون
الأَعمَالَ الظّاهرَةَ تَقِيّةً، وهُم لَيسَ عِندَهم إِيمَانٌ فِي قُلُوبِهم -
والعِياذُ بِاللهِ-: ﴿يَقُولُونَ
بِأَفۡوَٰهِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ﴾
[آل عمران: 167]، فَقَد يَكُونُ مُسلمًا، وَلاَ يكُونُ مُؤمِنًا، خِلاَفَ
المُؤمنِ؛ فَإنَّه لاَ بدَّ أنْ يَكُونَ مُسلِمًا.
وَلِهَذا
يَقُولُون: بَيْن الإِسلاَمِ وَالإِيمَانِ عمُومٌ وَخُصُوصٌ
مُطلَقٌ، فكلُّ مُؤمنٍ مُسلِمٍ، ولَيْسَ كلُّ مُسلِمٍ مُؤمنًا؛ المُسلِمُ قَد
يكونُ مُؤمنًا، وقَد يكُون غَيرَ مُؤمنٍ، أمَّا المُؤمِنُ، فَلاَ يَكُونُ إلاَّ
مُسلِمًا، فَبَينَهُما فَرقٌ.