×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

لاَ أَحدٌ يَقولُ: إِنَّها حَرامٌ. إنْ قَالَها أَحدٌ، فَهُو كَافرٌ، الّذِي يُحرِّمُ الحَلالَ البيِّنَ هُو كَافِرٌ.

ولَكنْ هُنَاكَ أمُورٌ مُشتَبِهاتٌ، لاَ يُدرَى هَل هِيَ مِن الحَلالِ أَم هِيَ مِنَ الحرَامِ بِسَببِ خَفَاءِ الأَدِلةِ فِيهَا، هَذِه أَكثَرُ النّاسِ لاَ يَعرِفُها، لاَ يَعرِفُها إلاَّ قَلِيلٌ مِن النَّاسِ، «لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ»، فدلَّ علَى أنَّ القَلِيلَ - وَهُم العُلمَاءُ الرَّبَّانِيون - يَعرِفُونَها.

إذًا مَا مَوقِفُ المُسلِمِ مِن هَذِه الأمُورِ؟ مَوقِفُه أنْ يَأخُذَ الحَلالَ البَيِّنَ، وَأنْ يَتْركَ الحَرَامَ البيِّنَ، وَأنْ يَتوقَّفَ فِيمَا اشتُبِهَ عَلَيه؛ فَلا يَدرِي هَل هُو مِن الحَلالِ أَو مِن الحَرَامِ، وَهَذَا مَا يُسمَّى بِالاحتِيَاطِ، «فَمَن اتَّقَى الشُّبُهاتَ فَقَدْ استَبْرَأَ لِدِينِه وَعِرضِه»، هَذَا احتِياطٌ وَوَرعٌ، يَتوَقّف عَمَّا لاَ يَعلَمُه، حتَّى يَتبيَّن لَه هَل هُو مِن الحَلاَلِ أَم مِن الحَرَامِ؟

أمَّا الإِنسانُ الّذِي لَيسَ عِندَه مبَالاة، فإنَّه يقُولُ: انتَهَى، كلُّ شَيءٍ حَلالٌ، وَيَأخُذ المُشتَبَه، هَذَا لاَ يقِفُ عِندَ المُشتَبَه، فِي النِّهَايةِ يتَعدَّاه إلَى الحَرَامِ؛ مِثل: الرَّاعِي الّذِي يَرعَى عِندَ الحِمَى، وَالحِمَى تَعرِفُون، بَعضُ المُلوكِ وَبَعضُ الرُّؤسَاءِ يَحمُون لِدَوَابِّهم، أَو لدَوَابِّ الرَّعِيةِ فِي المصَالِحِ العَامَّة، يَحمُون بَعضَ المَرَاعِي، يَحمُونَها مِن النَّاسِ؛ لِتَرعَاهَا إِبلُ الصَّدَقةِ، أَو إِبِلُهم الخَاصَّة، يَأتِي رَاعِي غَنمٍ، وَيَرعَى العُشبَ القَرِيبَ، وَلاَ يَدرِي أنَّه مَحمِيّ، وَيَتْرك غَنمَه حَولَه، الغَنمُ إذَا رَأَت الرَّعْيَ، تَذهَبُ بجَانِب الرَّعيِ والخُضْر؛ لأِنَّها لاَ تَدرِي، السَّببُ هُو رَاعِيهَا، الّذِي أتَى بِها حَولَ الحِمَى.


الشرح