صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ
وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ
٩﴾[الحَشر: 8-9].
فَفِي هَذِهِ الآيَاتِ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَثْنَى
عَلَى المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَوَصَفَهُمْ بِالسَّبْقِ إِلَى الخَيْرَاتِ،
وَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ، وَأَعَدَّ لَهُمُ الجَنَّاتِ،
وَوَصَفَهُمْ بِالتَّرَاحُمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَالشِّدَّةِ عَلَى الكُفَّارِ،
وَوَصَفَهُمْ بِكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَصَلاَح القُلُوبِ،
وَأَنَّهُمْ يُعْرَفُونَ بِسِيمَا الطَّاعَةِ وَالإِيمَانِ، وَأَنَّ اللهَ
اخْتَارَهُمْ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ لِيَغِيظَ بِهِمْ أَعْدَاءَهُ الكُفَّارَ،
كَمَا وَصَفَ المُهَاجِرِينَ بِتَرْكِ أَوْطَانِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مِنْ أَجْلِ
اللهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ، وِابْتِغَاءَ فَضْلِهِ وَرِضْوَانِهِ، وَأَنَّهُمْ
صَادِقُونَ فِي ذَلِكَ، وَوَصَفَ الأَنْصَارَ بَأَنَّهُمْ أَهْل دَارِ الهِجْرَةِ
وَالنُّصْرَةِ، وَالإِيمَانِ الصَّادِقِ، وَوَصَفَهُمْ بِمَحَبَّةِ إِخْوَانِهِم
المُهَاجِرِينَ، وَإِيثَارِهِمْ عَلَى أَنفسهم، وَمُوَاسَاتِهِمْ لَهُمْ،
وَسَلاَمَتِهِمْ مِنَ الشُّحِّ، وَبِذَلِكَ حَازُوا عَلَى الفَلاَحِ؛ هَذِهِ
بَعْضُ فَضَائِلِهِمُ العَامَّةِ، وَهُنَاكَ فَضَائِلُ خَاصَّة وَمَرَاتِبُ
يَفْضُلُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا، رضي الله عنهم، وَذَلِكَ بِحَسَبِ سَبْقِهِمْ
إِلَى الِإسْلاَمِ وَالجِهَادِ وَالهِجْرَةِ.
فَأَفْضَلُ الصَّحَابَة: الخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةُ:
أَبْو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيّ، ثُمَّ بَقِيَّةُ العَشَرَةِ المُبَشَّرِينَ
بِالجَنَّةِ؛ وَهُمْ: هَؤُلاَءِ الأَرْبَعَةُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ،
وَعَبْدُ الرَّحْمن بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاحِ، وَسَعْدُ بْنُ
أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ؛ وَيَفْضُلُ المُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ،
وَأَهْلِ بَدْرٍ وَأَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَيَفْضُلُ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ
الفَتْحِ وَقَاتَلَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الفَتْحِ.
·
مَذْهَبُ
أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ فِيمَا حَدَثَ بيْنَ الصَّحَابَة مِنَ القِتَالِ
وَالفِتْنَةِ:
سَبَبُ الفِتْنَةِ: تَآمَرَ اليَهُودُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ، فَدَسُّوا مَاكِراً خَبِيثًا