×
عقيدة التوحيد

الفَصْلُ الرَّابِعُ

فِي بَيَانِ حُكْمِ تَعْظِيمِ التَّمَاثِيلِ وَالنُّصُبِ التَّذْكَارِيَّةِ

****

التَمَاثِيلُ: جَمْعُ تِمْثَالٍ؛ وَهُوَ الصُّورَةُ المُجَسمَةُ عَلَى شَكْلِ إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِما فِيهِ رُوحٌ، وَالنُّصُبُ فِي الأَصْلِ: العَلَمُ، وَأَحْجَارٌ كَانَ المْشركُونَ يَذْبَحُونَ عَنْدَهَا، وَالنّصُب التَّذْكَارِيَّةُ: تَمَاثِيلُ يُقِيمُونَهَا فِي المَيَادِينِ وَنَحْوهَا؛ لِإحْيَاءِ ذِكْرَى زَعِيمٍ أَوْ مُعَظَّمٍ.

وَلَقَدْ حَذرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَصْوِيرِ ذَوَاتِ الأَرْوَاحِ، وَلاَ سِيَّمَا تَصْوِيرُ المُعَظَّمِينَ مِنَ البَشَرِ؛ كَالعُلَمَاءِ وَالمُلُوكِ وَالعُبادِ وَالقَادَةِ وَالرُؤَسَاءِ، سَوَاء كَانَ هَذَا التصْوِيرُ عَنْ طَرِيقِ رَسْمِ الصُّورَةِ عَلَى لَوْحَة أَوْ وَرَقَةٍ، أَوْ جِدَارٍ أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ الاِلتِقَاطِ بِالآلَةِ الضَّوْئِيَّةِ المَعْرُوفَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، أَوْ عَنْ طريق النَّحْتِ، وَبِنَاءِ الصُّورَةِ عَلَى هَيْئَةِ التِّمثَالِ، وَنَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ تعَلْيِقِ الصُّوَرِ عَلَى الجُدْرَانِ وَنَحْوِهَا، وَعَنْ نَصْبِ التَمَاثِيلِ؛ وَمِنْهَا: النُّصُبُ التَّذْكَارِيَّةُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ وَسيلَة إِلَى الشِّرْكِ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ شِرْكٍ حَدَثَ فِي الأَرْضِ كَانَ بِسَبَبِ التَّصْوِيرِ وَنَصْبِ الصُّوَرِ؛ وَذَلِكَ أَنهُ كَانَ فِي قَوْمِ نُوحٍ رِجَالٌ صَالِحُونَ، فَلَمَا مَاتُوا، حَزِنَ عَلْيِهمْ قَوْمُهُمْ، فَأَوْحَى إِلَيْهِمُ الشَّيطَانُ: أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ فِيهَا أَنْصَاباً، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا وَلَمْ تُعْبَدْ؛ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ، وَنُسِيَ العِلْمُ؛ عُبِدَتْ ([1])، وَلَمَّا بَعَثَ الله نَبِيَّهُ نُوحاً عَلَيْهِ السَلاَم يَنْهَى عَنْ هَذَا الشِّرْكِ الَّذِي حَصَلَ بِسَببِ تِلْكَ الصُّوَرِ الَّتِي نُصِبَتِ، امْتَنَعَ قَوْمُهُ مِنْ


الشرح

([1])  والقصة في «صحيح البخاري»، رقم (4636).