×
عقيدة التوحيد

 الفَصْلُ الثَّانِي

فِي بَيَانِ مَصَادِرِ العَقِيدَةِ

وَمَنْهَجِ السَّلَفِ فِي تَلَقِّيهَا

****

العَقِيدَةُ تَوْقِيفِيَّةٌ؛ فَلاَ تَثْبُتُ إِلاَ بدَّلِيلٍ مِنَ الشَّارعِ، وَلاَ مَسْرَحَ فِيهَا لِلرَّأْيِ وَالاِجْتِهَادِ؛ وَمِنْ ثمَّ فَإِنَّ مَصَادِرَهَا مَقْصُورَةٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ أَحَدَ أَعْلَمُ بِاللهِ، وَمَا يَجِبُ لَهُ وَمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ -مِنَ اللهِ، وَلاَ أَحَدَ - بَعْدَ اللهِ- أَعْلَمُ بِاللهِ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَلِهَذَا كَانَ مَنْهَجُ السَّلَفِ الصَّالِح وَمَنْ تَبِعَهُمْ فِي تَلَقِّي العَقِيدَةِ - مَقْصُورًا عَلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الكِتَاب وَالسُّنَّة فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى، آمَنُوا بِهِ، وَاعْتَقَدُوهُ وَعَمِلُوا بِهِ. وَمَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللهِ وَلاَ سُنَّةُ رَسُوله، نَفَوْهُ عَن اللهِ تَعَالَى وَرَفَضُوهُ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ بَيْنَهُمُ اخْتِلاَفٌ فِي الاِعْتِقَادِ، بَلْ كَانَتْ عَقِيدَتُهُمْ وَاحِدَةً، وَكَانَتْ جَمَاعَتُهُمْ وَاحِدَةً؛ لأَِنَّ اللهَ تَكَفَّلَ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُوله بِاجْتِمَاع الكَلِمَة، وَالصَّوَابِ فِي المُعْتَقَد، وَاتِّحَادِ المَنْهَج، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ [آل عِمرَان: 103]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ [طه: 123].

وَلِذَلِكَ سُمُّوا بِالفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ؛ لأَِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَهِدَ لَهُمْ بِالنَّجَاةِ؛ حِينَ أَخْبَرَ بِافْتِرَاقِ الأُمَّةِ إِلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ


الشرح