×
عقيدة التوحيد

الفَصْلُ الثَّانِي

ظُهُورُ البِدَعِ فِي حَيَاةِ المُسْلِمِينَ، وَالأَسْبَابُ

الَّتِي أَدَّتْ إِلَيْهَا

****

·       ظُهُورُ البِدَعِ فِي حَيَاةِ المُسْلِمِينَ، وَتَحْتَهُ مَسْأَلَتَانِ:

المَسْأَلة الأولى: وَقْتُ ظُهُورِ البِدَعِ:

قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله: «وَاعْلَمْ أَنَّ عَامَّةَ البِدَعِ المُتَعَلِّقَةِ بِالعُلُومِ وَالعِبَادَاتِ - إِنَّمَا وَقَعَ فِي الأُمَّةِ فِي أَوَاخِرِ عَهْدِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ؛ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، حَيْثُ قَالَ: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَىَ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ» ([1])، وَأَوَّلُ بِدْعَةٍ ظَهَرَتْ: بِدْعَةُ القَدَرِ، وَبِدْعَةُ الإِرْجَاءِ، وَبِدْعَةُ التَّشَيُّعِ، وَالخَوَارِجِ، وَلَمَّا حَدَثَتِ الفُرْقَةُ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ ظَهَرَتْ بِدْعَةُ الحَرُورِيَّةِ، ثُمَّ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَة، حَدَثَتِ القَدَرِيَّةُ فِي آخِرِ عَصْرِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَمْثَالِهِمْ مِنَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم، وَحَدَثَتِ المُرْجِئَةُ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الجَهْمِيَّةُ، فَإِنَّمَا حَدَثُوا فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ التَّابِعِينَ، بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ أَنْذَرَ بِهِمْ، وَكَانَ ظُهُورُ جَهمٍ بِخْرَاسَانَ فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ.

هَذِهِ البِدَعُ ظَهَرَتْ فِي القَرْنِ الثَّانِي، والصَّحَابَة مَوْجُودُونَ، وَقَدْ أَنْكَروا عَلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ ظَهَرَتْ بِدْعَةُ الاِعْتِزَالِ، وَحَدَثَتِ الفِتَنُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَظَهَرَ اخْتِلاَفُ الآرَاءِ وَالمَيْلُ إِلَى البِدَعِ وَالأَهوَاءِ، وَظَهَرَتْ


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (17184)، وأبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2681)، وابن ماجه رقم (42).