×
عقيدة التوحيد

 الفَصْلُ الثَّالِثُ

الكَوْنُ وَفِطْرَتُهُ فِي الخُضُوعِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ

****

إِنَّ جَمِيعَ الكَوْنِ -بِسَمَائِهِ، وَأَرْضِهِ، وَأَفْلاَكِهِ، وَكَوَاكِبِهِ، وَدَوَابِّهِ، وَشَجَرِهِ، وَمَدَرِهِ، وَبَره، وَبحره، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَجِنِّهِ، وَإِنْسِهِ- كُلُّهُ خَاضِعٌ لِلهِ، مُطِيعٌ لأَِمْرِهِ الكَوْنِيّ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا [آل عِمرَان: 83]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿بَل لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ [البَقَرَة: 116]،﴿وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن دَآبَّةٖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ [النّحل: 49]، ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسۡجُدُۤ لَهُۥۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلۡجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٞ مِّنَ ٱلنَّاسِۖ [الحَجّ: 18]،﴿وَلِلَّهِۤ يَسۡجُدُۤ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَظِلَٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ۩ [الرّعد: 15].

فَكُلُّ هَذِهِ الكَائِنَاتِ وَالعَوَالِمِ: مُنْقَادَةٌ لِلهِ، خَاضِعَة لِسُلْطَانِهِ، تجْرِي وَفْق إِرَادَتِهِ، وَطوعَ أَمْره، لاَ يَسْتَعْصِي عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء؛ تَقُومُ بِوَظَائِفِهَا، وَتُؤَدِّي نَتَائِجَهَا بِنِظَامٍ دَقِيقٍ، وَتُنَزِّهُ خَالِقهَا عَن النَّقْصِ وَالعَجْزِ وَالعَيْبِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيۡءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِيحَهُمۡۚ [الإسرَاء: 44].

فَهَذِهِ المَخْلُوقَاتُ -صَامِتُهَا، وَنَاطِقهَا، وَحيُّهَا، وَمَيِّتهَا- كُلُّهَا مُطِيعَةٌ لِلهِ، مُنْقَادَةٌ لأَِمْرِهِ الكَوْنِيّ، وَكلهَا تُنَزِّهُ اللهَ عَن النَّقَائِض وَالعُيُوبِ بِلِسَانِ الحَالِ، وَلِسَان المَقَالِ؛ فَكُلَّمَا تَدَبَّرَ العَاقِلُ هَذِهِ المَخْلُوقَات، عَلِمَ أَنَّهَا خلقَتْ بِالحَقِّ وَلِلحَقِّ، وَأَنَّهَا مسخرَاتٌ؛ لَيْسَ لَهَا تَدْبِيرٌ وَلاَ استعصاء عَنْ أَمْرِ مُدَبِّرِهَا؛ فَالجَمِيعُ مقرُون بِالخَالِقِ بِفِطْرَتِهِمْ.


الشرح