×
عقيدة التوحيد

الفَصْلُ السَّادِسُ

الحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ

****

مِنْ مُقْتَضَى الِإيمَانِ بِالله تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ: الخُضُوعُ لِحُكْمِهِ، وَالرِّضَا بِشَرْعِهِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ عِنْدَ الاِخْتِلاَفِ فِي الأَقْوَالِ، وَفِي العَقَائِدِ، وَفِي الخُصُومَاتِ، وَفِي الدِّمَاءِ وَالأَمْوَالِ، وَسَائِرِ الحُقُوقِ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ وَإِلَيْهِ الحُكْمُ، فَيَجِبُ عَلَى الحُكَّامِ أَنْ يَحْكُمُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ، وَيَجبُ عَلَى الرَّعِيَّةِ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَسُنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ تَعَالَى في حَقِّ الولاَةِ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ [النِّسَاء: 58].

وَقَالَ فِي حَقِّ الرَّعِيَّة: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا [النِّسَاء: 59].

ثُمَّ بَيّنَ أَنْهُ لاَ يَجْتَمِعَ الِإيمَانُ مَعَ التَّحَاكُمِ إِلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا....، إِلَى َقَولَه تَعَالَى:﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا [النِّسَاء: 60-65].

فَنَفَى سُبْحَانَهُ -نَفْياً مُؤَكَّداً بِالقَسَمِ- الِإيمَان عَمَّنْ لَمْ يَتَحَاكَمْ إِلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَيَرْضَ بِحُكْمِهِ وَيُسَلِّمْ لَهُ، كَمَا أَنهُ حَكَمَ بِكُفْرِ الولاَةِ؛ الَّذِينَ لاَ يَحْكُمُونَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ، وَبِظُلْمِهِمْ وَفِسْقِهِمْ؛ قَالَ تَعَالَى:


الشرح