﴿وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾
[المَائدة: 44]، ﴿وَمَن
لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾ [المَائدة: 45]،﴿وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾
[المَائدة: 47].
وَلاَ بُدَّ مِنَ الحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ،
وَالتحَاكُم إلَيهِ فِي جَمِيعِ مَوارِدِ النِّزَاعِ؛ فِي الأَقْوَالِ
الاِجْتَهَادِيَّةِ بَيْنَ العُلَمَاءِ؛ فَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا إلَّا مَا دَلَّ
عَلَيْهِ الكِتَابُ وَالسُّنَّة؛ مِنْ غَيْرِ تَعَصُّبٍ لِمَذْهَبٍ، وَلاَ
تَحَيُّزٍ لِإمَامٍ، وَفِي المُرَافَعَاتِ وَالخُصُومَاتِ فِي سَائِرِ الحُقُوقِ؛
لاَ فِي الأَحْوَالِ الشَّخْصِيَّةِ فَقَطْ؛ كَمَا فِي بَعْضِ الدُّوَلِ الَّتِي
تَنْتَسِبُ إِلَى الِإسْلاَمِ؛ فَإِنَّ الِإسْلاَمَ كُلٌّ لاَ يَتَجَزَّأ، قَالَ
تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ
كَآفَّةٗ﴾ [البَقَرَة: 208]، وقَالَ
تَعَالَى: ﴿أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ
بِبَعۡضٖۚ﴾ [البَقَرَة: 85].
وكَذَلِكَ يَجْبُ عَلَى أَتْبَاع المَذَاهِبِ وَالمَنَاهِجِ المُعَاصِرَةِ أَنْ يَرُدُّوا أَقْوَالَ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمَا وَافَقَهُمَا أَخَذُوا بِهِ، وَمَا خَالَفَهُمَا رَدُّوهُ، دُونِ تَعَصُّبٍ أَوْ تَحَيُّزٍ؛ وَلاَ سِيَّمَا فِي أُمُورِ العَقِيدَةِ؛ فَإِنَّ الأَئِمَّةَ يُوصُونَ بِذَلِكَ، وَهَذَا مَذهَبُهُمْ جَمِيعاً، فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ مُتَّبِعاً لَهُمْ، وَإِنِ انْتَسَبَ إَلِيْهِمْ، وَهُوَ مِمَّنْ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ﴾ [التّوبَة: 31]؛ فَلَيْسَتِ الآيَةُ خَاصَّةً بِالنَّصَارَى؛ بَلْ تَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ، فَمَنْ خَالَفَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم؛ بِأَنْ حَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ، أَوْ طَلَبَ ذَلِكَ اتّبَاعاً لِمَا يَهوَاهُ وَيُرِيدُهُ-: فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ مِنْ عُنُقِهِ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ؛ فَإِنَّ الله تَعَالَى أَنْكَرَ عَلَى مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَأَكْذَبَهُمْ فِي زَعْمِهِمُ الإِيِمَانَ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى