×
عقيدة التوحيد

الفَصْلُ الخَامِسُ

فِي بَيَانِ حُكْمِ الاِسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ وَالاِسْتِهَانَةِ بِحُرُمَاتِهِ

****

الاِسْتِهْزَاء بِالدِّينِ رِدةٌ عَن الإِسْلاَمِ، وَخُرُوجٌ عَن الدِّينِ بِالكُلِّيَّةِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالى: ﴿قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ [التّوبَة: 65-66].

هَذِهِ الآيَةُ تَدلُّ عَلَى أَنَّ الاِسْتِهْزَاءَ بِاللهِ كُفْرٌ، وَأَنَّ الاِسْتِهْزَاءَ بِالرَّسُولِ كُفْرٌ، وَأَنَّ الاِسْتِهْزَاءَ بِآيَاتِ اللهِ كُفْرٌ، فَمَنِ اسْتَهْزَأَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ، فَهُوَ مُسْتَهزِئٌ بِجَمِيعهَا، والَّذِي حَصَلَ مِنْ هَؤُلاَءِ المُنَافِقِينَ: أَنَّهُم اسْتَهْزَءُوا بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَصحَابَتِهِ؛ فَنَزَلَتِ الآيَةُ.

فَالاسْتِهْزَاءُ بِهَذِهِ الأُمُورِ مُتَلاَزِمٌ، فَالَّذِينَ يَسْتَخِفُّونَ بِتَوْحِيدِ اللهِ تَعَالَى، وَيُعَظِّمُونَ دُعَاءَ غَيْرِهِ مِن الأَمْوَاتِ؛ إِذَا أُمِرُوا بِالتَّوْحِيدِ وَنُهُوا عَن الشِّرْكِ، اسْتَخَفُوا بِذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا رَأَوۡكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولًا ٤١إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنۡ ءَالِهَتِنَا لَوۡلَآ أَن صَبَرۡنَا عَلَيۡهَاۚ [الفُرقان: 41-42].

فَاسْتَهْزَءُوا بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَهَاهُمْ عَن الشِّرْكِ، وَمَا زَالَ المشْرِكُونَ يَعِيبُونَ الأَنْبِيَاءَ، وَيَصِفُونَهُمْ بِالسَّفَاهَةِ وَالضَّلاَلِ وَالجُنُونِ، إِذَا دَعَوْهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ؛ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ الشِّرْكِ، وَهَكَذَا تَجِدُ مَنْ فِيهِ شَبَهٌ مِنْهُمْ؛ إَذَا رَأَى مَنْ يَدْعُو إِلَى التوْحِيدِ، اسْتَهْزَأَ بِذَلِكَ؛ لِمَا عنْدَهُ مِنَ الشِّرْكِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ [البَقَرَة: 165].


الشرح