الفَصْلُ الحادي عشر
في بَيَانِ حكم الحلف بغَيْرِ الله
والتوسل والاستغاثة والاستعانة بالمخلوق
****
·
الحلف
بغَيْرِ الله:
الحلف: هُوَ اليمين؛ وهي:
توكيد الحكم، بذكر معظم عَلَى وجه الخصوص.
والتعظيم: حق لله
تعالى؛ فلا يجوز الحلف بغَيْرِه، فَقَدْ أجمع العلماء عَلَى أن اليمين لا تكون إلا
بالله، أَوْ بأسمائه وصفاته، وأجمعوا عَلَى المنع من الحلف بغَيْرِه، والحلف
بغَيْرِ الله شرك، لما روى ابن عمر رضي الله عنه، أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه
وسلم قال: «مَنْ حلَفَ بِغَيْرِ اللهِ،
فَقَدْ كَفَرَ، أَوْ أَشْرَكَ» ([1])،
وهُوَ شرك أصغر، إلا إذا كان المحلوف به معظمًا عَنْد الحالف إِلَى درجه عبادته
له، فهَذَا شرك أكبر، كَمَا هُوَ الحال اليوم عَنْد عباد القبور، فإنَّهُمْ يخافون
من يعظمون من أصحاب القبور أكثر من خوفهم من الله وتعظيمه، بحيث إذا طلب من أحدهم
أن يحلف بالولي الَّذِي يعظمه، لَمْ يحلف به إلا إذا كان صادقًا، وإذا طلب مِنْهُ
أن يحلف بالله، حلف به وإن كان كاذبًا!
فَالحَلِفُ تَعْظِيمٌ لِلْمَحْلُوفِ بِهِ، لاَ يَلِيقُ إِلاَّ بِاللهِ، وَيَجِبُ تَوْقِيرُ اليَمِينِ، فَلاَ يُكْثَرُ مِنْهَا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ﴾ [القَلَم: 10]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ﴾ [المَائدة: 89]؛ أَيْ: لاَ تَحْلِفُوا إِلاَّ عِنْدَ
الصفحة 1 / 188