الفَصْلُ الثَّانِي
مَفْهُومُ كَلِمَةِ «الرَّبِّ» فِي القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
وَتَصَوُّرَاتُ الأُمَمِ الضَّالَّةِ
****
1-
مَفْهُومُ
كَلِمَةِ «الرَّبِّ» فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:
الرَّبُّ فِي الأَصْلِ: مَصْدَرُ
رَبَّ يَرُبُّ؛ بِمَعنى: نَشَّأَ الشَيْءٍ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، إِلَى حَالِ
التَّمَامِ؛ يُقَالُ: رَبَّهُ وَرَبَّاهُ وَرَبَّبَهُ؛ فَلَفْظُ «ربٍّ» مَصْدَرٌ
مُسْتَعَارٌ لِلْفَاعِلِ، وَلاَ يُقَالُ: «الرَّبُّ» بِالإِطْلاَقِ إِلاَّ للهِ
تَعَالَى المُتَكَفِّلِ بِمَا يُصْلِحُ المَوْجُودَاتِ؛ نَحْوُ قَوْلِهِ: ﴿رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾
[الفاتحة: 2]، ﴿رَبُّكُمۡ
وَرَبُّ ءَابَآئِكُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ﴾
[الشُّعَرَاء: 26].
وَلاَ يُقَالُ لِغَيْرِهِ إِلاَّ مُضَافًا مَحْدُودًا؛
كَمَا يُقَالُ: رَبُّ الدَّارِ؛ وَرَبُّ الْفَرَسِ؛ يَعَنْي: صَاحِبَهَا، وَمِنهُ قَوْلُهُ
تَعَالَى -حِكَايَة عَنْ يُوسُفَ عليه السلام -: ﴿ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ
ذِكۡرَ رَبِّهِۦ﴾ [يُوسُف:
42]، عَلَى قَوْلٍ فِي تَفْسِيرِ الآيَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قَالَ ٱرۡجِعۡ إِلَىٰ رَبِّكَ﴾
[يُوسُف: 50].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ﴾ [يُوسُف: 41].
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِي ضَالَّةِ الإِبِلِ: «حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا» ([1]).
فَتَبَيَّنَ بِهَذَا: أَنَّ كَلِمَةَ «الرَّبِّ» تُطْلَقُ عَلَى اللهِ تَعَالَى مُعَرَّفًا وَمُضَافًا؛ فَيُقَالُ: الرَّبُّ، أَوْ رَبُّ العَالَمِينَ، أَوْ رَبُّ النَّاسِ، وَلاَ تُطْلَقُ كَلِمَةُ
الصفحة 1 / 188