×
عقيدة التوحيد

 «الرَّبِّ» عَلَى غَيْرِ اللهِ إِلاَّ مُضَافَةً؛ مَثْلُ: رَبِّ الدَّارِ، وَرَبِّ المَنْزِلِ، وَرَبِّ الإِبِلِ.

وَمَعنى «رَبِّ العَالَمِينَ»؛ أَيْ: خَالِقُهُمْ وَمَالِكُهُمْ وَمُصْلِحُهُمْ وَمُرَبِّيهِمْ بِنِعَمِهِ، وَبِإِرْسَالِ رُسُلِهِ وَإِنْزَالِ كُتُبِهِ، وَمُجَازِيهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ؛ قَالَ العَلاَّمَةُ ابْنُ القَيِّمِ رحمه الله: «فَإِنَّ الرُّبُوبِيَّةَ تَقْتَضِي أَمْرَ العِبَادِ وَنَهْيَهُمْ وَجَزَاءَ مُحْسِنِهِمْ بِإِحْسَانِهِ، وَمُسِيئِهِمْ بِإِسَاءَتِهِ»؛ هَذِهِ حَقِيقَةُ الرُّبُوبِيَّةِ.

1-           مَفْهُومُ كَلِمَةِ «الرَّبِّ» فِي تَصَوُّرَاتِ الأُممِ الضَّالَّةِ:

خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ مَفْطُورِينَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَمَعْرِفَةِ الرَّبِّ الخالِقِ سُبْحَانَهُ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ [الرُّوم: 30]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ [الأعرَاف: 172]:

فَالإِقْرَارُ بِرُبُوبِيَّةِ اللهِ وَالتَّوَجُّهُ إِلَيْهِ وَحْدَهُ أَمْرٌ فِطْرِيٌّ، وَالشِّرْكُ حَادِثٌ طَارِئٌ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهودَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» ([1])، فَلَوْ خُلِّيَ العَبْدُ وَفِطْرَتَهُ، لاَتَّجَهَ إِلَى التَّوْحِيدِ وَقَبِلَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَنَزَلَتْ بِهِ الكُتُبُ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الآيَاتُ الكَوْنِيَّةُ، وَلَكِنَّ التَّرْبِيَةَ المُنْحَرِفَةَ وَالبِيئَةَ المُلْحِدَةَ هُمَا اللَّتَانِ تُغَيرانِ اتِّجَاهَ المَوْلُودِ، وَمِن ثمَّ يُقَلِّدُ الأَوَّلادُ آبَاءَهُمْ فِي الضَّلاَلَةِ وَالاِنْحِرَافِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري، رقم (1292)، ومسلم، رقم (2658).