×
عقيدة التوحيد

 يَقُولُ اللهُ تَعَالَى -فِي الحَديثِ القُدُسِيِّ-: «خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ» ([1])؛ أَيْ: صَرَفَتْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَاتِّخَاذِهَا أَرْبابًا مِنْ دُونِ اللهِ، فَوَقَعُوا فِي الضَّلاَلِ وَالضَّيَاعِ، والتَّفَرُّقِ وَالاِخْتِلاَفِ؛ كُلٌّ يَتَّخِذُ لَهُ رَبًّا يَعْبُدُهُ غَيْرَ رَبِّ الآخَر؛ لأَنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوا الرَّبَّ الحَقَّ، ابْتُلُوا بِاتِّخَاذِ الأَرْبَابِ البَاطِلَةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ [يُونس: 32]، وَالضَّلاَلُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَلاَ نِهَايَةٌ، وَهُوَ لاَزِمٌ لِكُلّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ رَبّهِ الحَقِّ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ٣٩مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ [يُوسُف: 39-40].

وَالشِّرْكُ فِي الرُّبُوبِيَّةِ بِاعْتِبَارِ إِثْبَات خَالِقِينَ مُتَمَاثِلِينَ فِي الصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ مُمْتَنِعٌ، وَإِنّمَا ذَهَبَ بَعْضُ المُشْرِكِينَ إِلَى أَنَّ مَعْبُودَاتِهِمْ تَمْلِكُ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ فِي الكَوْنِ، وَقَدْ تَلاَعَبَ بِهِمُ الشَّيْطَانُ فِي عِبَادَةِ هَذِهِ المَعْبُودَاتِ، فَتَلاَعَبَ بِكُلِّ قَوْمٍ عَلَى قَدْر عُقُولِهِمْ؛ فَطَائِفَةٌ دَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَتِهَا مِنْ جِهَةِ تَعْظِيمِ المَوْتَى الَّذِينَ صَوَّرُوا تِلَكَ الأَصْنَاَم عَلَى صُوَرِهِمْ؛ كَقَوْمِ نُوحٍ، وَطَائِفَةٌ اتَّخَذَتِ الأَصْنَامَ عَلَى صُورَةِ الكَوَاكِبِ الَّتِي زَعَمُوا أَنَّهَا تُؤَثِّرُ فِي العَالَمِ؛ فَجَعَلَوا لَهَا بُيُوتًا وَسَدَنَةً.

وَاخْتَلَفُوا فِي عِبَادَتِهِمْ لِهَذِهِ الكَوَاكِبِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ القَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ غَيْرهُمَا مِنَ الكَوَاكِبِ الأُخْرَى؛ حَتَّى بَنَوْا لَهَا هَيَاكِلَ، لِكُلِّ كَوْكَبٍ مِنْهَا هَيْكَلٌ يَخُصُّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُ النَّارَ؛ وَهُم المَجُوسُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُ البَقَرَ؛ كَمَا فِي الهِنْدِ، وَمِنْهُم مَنْ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم، رقم (2865).