انْتِظَارَ رَأْيِكَ، أَوِ: انْتِظَار أَمْرِكَ،
قَالَ: أَفَلاَ أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ، وَضَمِنْت لَهُمْ
أَلاَّ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ شَيْءٌ؟!
ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَى حَلْقَةً
مِنْ تِلْكَ الحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ
تَصْنَعُونَ؟! قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ
التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ، قَالَ: فَعُدُّوا
سَيِّئَاتِكُمْ؛ فَأَنَا ضَامِن أَلاَّ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْء،
وَيْحَكُمْ يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ! هَؤُلاَءِ أَصْحَابُهُ
مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ
مُحَمَّدٍ، أَوْ مُفْتَتِحُو بَاب ضَلاَلَةٍ! قَالُوا: وَاللهِ يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمنِ، مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الخَيْرَ، قَالَ: وَكَمْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ
لَنْ يُصِيبَهُ! إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا أَنَّ
قَوَما يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ اللهِ، لاَ
أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ.
ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ
سَلَمَةَ: «رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ
يُطَاعنونَنَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الخَوَارجِ» ([1]).
* جَاءَ رَجُل إِلَى الإِمَامِ مَالِكِ بْنَ أَنَسٍ رحمه الله، فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ؟ فَقَالَ: مِنَ الميقَاتِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْرَمَ مِنْهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَإِنْ أَحْرَمْتُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ؟ فَقَالَ مَالِك: لاَ أَرَى ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَكْرَهُ عَلَيْكَ الفِتْنَةَ، قَالَ: وَأَيُّ فِتْنَةٍ فِي ازدياد الخَيْرِ؟! فَقَالَ مَالِك: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ
([1]) أخرجه: الدارمي، رقم (208).