مقدمة الشارح
الحمدُ للهِ ربِّ
العَالَمِين، وصلَّى اللهُ وسَلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلَى آلِهِ وأصحابِه
أجمعين، أمَّا بعد:
فإنَّ المُسلمَ
خُصُوصًا طَالبَ العِلمِ بحَاجةٍ إلى معرفةِ الآدابِ الشَّرعيةِ ليَتَخلَّقَ بها
وليتَّصِفَ بِها، والآدَابُ: جَمعُ أَدَب، والمُرادُ به اسْتعمالُ ما يَجْمُل
ويَحْسُنُ من الأقوالِ والأفعال، وقد جاءت شَريعةُ الإسلامِ بالآدَابِ
الشَّرعيَّةِ والأَخْلاقِ المُرْضِيةِ في الأقْوَالِ والأفْعالِ والتَّصَرُّفاتِ،
فهُناك آدابٌ خاصَّةٌ بأفعالِ الإنسانِ التي يحتاجُ إليها من أَكْلٍ وشُرْبٍ
ومَلبَسٍ ومَسْكنٍ ودُخُولٍ وخُرُوجٍ وتَعامُلٍ مع النَّاسِ، وهناكَ آدابٌ بَيْنَه
وبينَ اللهِ سبحانه وتعالى بِعِبادَتِه والتَّقرُّبِ إليه ومَعْرِفتِه حَقَّ
المَعْرِفة، وآدَابٌ مع الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم في مَعْرفَتِه واتِّباعِه
والاقْتِداءِ به، وآدابٌ مع وَالدَيْه وأقاربِه وآدابٌ مع عُمُومِ النَّاس.
فالمُسلِمُ
يَتخَلَّقُ بالآدابِ المَحمودَةِ في أقْوَالِه وأفْعَالِه وتَصَرُّفاتِه، كما
جاءتْ في الِكتابِ والسُّنَّةِ وآدَابِ الإسلامِ العامَّة.
فلذلك اعْتَنى
العلماءُ بجَمْعِ هذه الآدابِ وتَصْنيفِها ليَقرأَها المُسلِمُ وطالبُ العلمِ
مَجْموعةً له ومُهيَّأةً فيتخَلَّقُ بها، فألَّفُوا هذه الآدابَ من نُصُوصِ
الكِتابِ والسُّنَّة، ورَتَّبُوها على الأبوابِ، ومنهم الإمامُ شَمْسُ الدِّينِ بنُ
مُفلِح رحمه الله في كتابِ «الآدَابُ الشَّرْعِيَّةُ وَالمِنَحُ المُرْضِيَة»،
ومنهم الإمامُ مُحمَّد بنُ عبدِ القَوِي المَرْدَاوِي فإنَّه نَظَم مَنظُومَةً في
هذه الآدابِ يَحفظُها طالبُ العِلمِ ويَستعمِلُها، وهذه المَنظُومةُ مَشهورةٌ
بمَنظُومةِ الآدابِ لنَظْمِه للمُقنِع، فإنَّه نظم «المُقنِع» في الفِقْهِ