×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

تَعَالَيْتَ عَنْ نِدٍّ وَعَنْ وَلَدٍ وَعَنْ *** شَرِيكٍ وَعَنْ مَا يَفْتَرِي كُلُّ مُلْحِدِ

نُقِرُّ بِلاَ شَكٍّ بِأَنَّكَ وَاحِدٌ *** وَنُؤْمِنُ بِالدَّاعِي إِلَيْكَ مُحَمَّد

رَسُولُكَ أَذْكَى مَنْ بَعَثْتَ إِلَى الوَرَى *** وَخَيْرُ مَنْ اسْتَخْرَجْتَ مِنْ خَيْرِ مُحْتَدِ

*****

مُوجَدِ»؛ يعني كُلِّ مخلوقٍ؛ لأن كُلَّ مَخلوقٍ فهو موجَدٌ من عَدمٍ، وكلُّ مَخلوقٍ يَجبُ عليهِ أن يَحمَدِ اللهَ سبحانه وتعالى على نِعَمِه وعلى قَضائِهِ وقَدَره.

هذا تنزيهٌ للهِ جل وعلا، «تَعَالَيْتَ»؛ أي أنَّكَ مُنزَّهٌ عن كُلِّ شَريكٍ، فاللهُ جل وعلا لا شَريكَ لَه، و«عَنْ نِدٍّ»؛ والنِّدُّ: هو المَثيلُ والشَّبيهُ، والله جل وعلا لا شَبيهَ له، «وَعَنْ وَلَدٍ»؛ فإنه تعالى: ﴿لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ [الإخلاص: 3- 4] فهو مُنزَّهٌ عن كُلِّ العُيوبِ والنقائص وله الكمال المُطلقُ سبحانه وتعالى.

«وَعَنْ مَا يَفْتَرِي كُلُّ مُلْحِدِ»؛ ما يَفتَرِي: ما يَكذِبُ، فالذين يكذِبُونَ على اللهِ جل وعلا ويقُولونَ على اللهِ بغَيرِ عِلمٍ، اللهُ مُنزَّهٌ عن قَولِهم: ﴿سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا [الإسراء: 43]، نزَّه نَفسَه عن قَولِ المُلحِدينَ، والمُلحِدُ: هو المائلُ عَن الحَقِّ.

هذا مَعنَى الشَّهادَتينِ، «نُقِرُّ بِلاَ شَكٍّ بِأَنَّكَ وَاحِدٌ»؛ هذا فيه إفرادُ اللهِ جل وعلا بالوَحدَانِيَّةِ، فهو جل وعلا واحدٌ في رُبوبِيَّتِه وواحدٌ في ألُوهِيَّتِهِ وواحد في أسمائِهِ وصفاتِهِ، لا شريك له في ذلك، وكذلك نُقِرُّ بِنُبُوَّةِ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الدَّاعِي إلى اللهِ جل وعلا.

      «رَسُولُكَ»؛ الرَّسولُ: هو من أُوحِيَ إليهِ بِشَرعٍ وأُمر بِتبلِيغِهِ، والرَّسولُ بمعنى المُرسَلُ، فهو رَسولٌ من عندِ اللهِ عز وجل فاللهُ يُرسلُ الرُّسلَ إلى عبادِهِ لدَعوتِهم إلى عبادَةِ اللهِ وتَركِ عبادَةِ ما سواه، وهذا مِن رَحمَتِه سبحانه وتعالى، أنَّه


الشرح