يُرسِلُ الرُّسلَ إلى العبادِ ليَدُلُّوهم على
طريق الصَّوابِ ويَنهَوهُم عن طريقِ الضَّلالِ، ولا يَترُكهم سبحانه وتعالى
يَضِلُّون ويَكفُرون دون أن يُرسِلَ إليهم من يُبيِّنُ لهم طريقَ الحَقِّ
والصَّوابِ وينهاهم عن طريقِ الضَّلال.
قد أرسَلَ اللهُ
الرُّسلَ وما زالت الرُّسلُ تَتابعُ من نوح عليه السلام إلى نبينا مُحمَّد صلى
الله عليه وسلم: ﴿إِنَّآ
أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ﴾ [النساء: 163]،
فأوَّلُهم نُوحٌ، هو أوَّلُ الرُّسلِ، وآخِرُهم مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.
كُلُّهم جَاءوا لهدَايَةِ الخَلقِ وبيانِ الحَقِّ، وقد بلَّغوا البلاغَ
المُبينَ، وهذا الرَّسولُ مُحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم هو أشْرَفُهم، وأشرَفُ
الخَلقِ وهو سَيِّدُ الخَلقِ، سَيِّدُ ولد آدمَ - كما جاء في الحَديثِ -: «أَنَا
سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلاَ فَخْرَ» ([1]).
ويَظهرُ هذا يَومَ
القِيامَةِ إذا حُشِرَ النَّاسُ وطالَ عَليهِمُ الوُقوفُ وتقدَّموا يِطلُبونَ
الشَّفاعَة من الرُّسلِ لِيُرِيحَهم اللهُ من المَوقِفِ ويُحاسِبُهم حتى
يَستَريحُوا من طولِ المَوقِف، وكلُّهم يَدفَعُ الشَّفاعَةَ، وتَنتَهِي إلى
مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَيتقدَّمُ لها ويَشفَعُ إلى اللهِ في أن يَفصِلَ
بَينَ عِبادِه، فَيقبَلُ اللهُ شَفاعَتَه.
وهذا هو المَقام المَحمودُ الذي قال الله جل وعلا فيه: ﴿عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾ [الإسراء: 79] ؛ لأنَّه يَحمَدُه عليه الأوَّلونَ والآخِرونَ، وبهذا يَظهَرُ شَرفُه صلى الله عليه وسلم ومكانَتُه عندَ اللهِ عز وجل ويَظهَرُ تَقدُّمُه على الأنبياءِ والمُرسلِينَ عليهم الصلاة والسلام.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2278).