×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

 فَرجُه يَحفَظُه من الفاحِشَةِ، يَضمَنُ له الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم، الجَنَّة، والكَلامُ خَطيرٌ جدًّا، رُبَّ كَلمَةٍ وَاحِدَة تَسبَّبتْ في قَتلِ المُتكَلِّم.

قال الشَّاعرُ:

يَمُوتُ الفَتَى مِنْ عَثْرَةٍ بِلِسَانِهِ *** وَلَيْسَ يَمُوتُ المَرْءُ مِنْ عَثْرَةِ الرِّجْلِ

فَعَثْرَتُهُ بِالقَوْلِ تُذْهِبُ رَأْسَهُ *** وَعَثْرَتُهُ بِالرِّجْلِ تَبْرَا عَلَى مَهَلِ

ويقول الآخر:

احْفَظْ لِسَانَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ *** لاَ يَلْدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعْبَانُ

كَمْ فِي المَقَابِرِ مِنْ قَتِيلِ لِسَانِهِ *** كَانَتْ تَهَابُ لِقَاءَه الشُّجْعَانُ

فربَّمَا يَتكلَّم بكَلِمَةٍ تُسبِّبُ قَتلَهُ فيجني على نَفسِه، فاللِّسانُ خَطيرٌ جدًّا، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1])، فإن رأيْتَ الكَلامَ فيهِ خَيرٌ تَكلَّم، وإلا فاصْمُتْ واحفَظْ لِسانَك، إما أن تقُولَ خَيرًا فَتغْنَم، أو تَسكُتَ عن شَرٍّ فتَسْلَمْ، فأمسِكْ لِسانَكَ.

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لما ذكرَ أسْبابَ النَّجاةِ وأسْبابَ دُخولِ الجَنَّةِ أشارَ إلى لِسانِهِ صلى الله عليه وسلم وقال: «أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟». قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ هَذَا» ([2])، أي اللِّسان، فَقَد يَعمَلُ الإنْسانُ أَعمَالاً صَالِحَةً، ثمَّ يَحصُدُها بِلسانِه، فَيكونُ كَلامُه يُحبِط أعمالَه، الشِّرك يُحبطُ الأعْمالَ، وظُلمُ النَّاسِ إذا تَكلَّم فيهم يأخُذونَ أعْمَالَه


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (6475).

([2] أخرجه: الترمذي رقم (2616)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22016).