×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

إِذَا لمْ تَخَفْ في ذلك الأَمْرِ حَيْفَهُ *** إِذَا كان ذَا الإِْنْكارُ حَتْمَ التَّأَكُّدِ

*****

«فإِنْ لمْ يَزَلْ بالنَّافذ الأَمْر فاصْدَدِ» فإِذا لم تنفعْ فيه الموعظةُ والنَّصيحةُ فإِنَّك تَلْجأُ إِلى السُّلْطان، ترفعُ في شَأْنِه إِلى السُّلْطان ليَمْنَعَه بالقُوَّة، سواءً كان السُّلْطانُ الأَعْظمُ أَوْ نائِبُ السُّلْطان، وهذا مثلُ سائِر المسلمين يُنكِرون أَوَّلَ شيءٍ باللِّسان والموعظةِ ثم إِذَا لم يُجْدِ فإِنَّهم يرفعونه إِلى الحِسْبةِ وإِلى الهَيْئةِ الموكولِ إِلَيها مَنْع المُنكَر بالقُوَّة، فلو أَنَّ النَّاسَ مشوا على هذا الرَّسْمِ لحصَل الخيرُ الكثيرُ، وزالتِ المُنكَراتُ أَوْ خفَّتْ، إِمَّا أَنْ تزولَ، وإِمَّا أَنْ تَخِفَّ، ولكن نحن بين أَمْرين، إِمَّا أَنْ نَسْكُتَ ولا نعمل شيئًا، وهذا خطرٌ عظيمٌ، وإِمَّا أَنْ نُنكِرَ بشِدَّةٍ وقسوةٍ، ويحصُل بذلك المُنكَرُ الأَشدُّ والضَّررُ الأَكْثرُ، أَمَّا الوَسَطُ فهو ما أَمَرَ به الشَّارعُ في إِنْكارِ المُنكَر، التَّدرُّجِ شيئًا فشيئًا.

أَرْفع إِلى السُّلْطان بشرطَيْن:

الشَّرْطِ الأَوَّلِ: أَنْ تَأْمَنَ مِن حَيْفِ السُّلْطانِ، بأَلاَّ يزيدَ في العقوبةِ على الأَمْرِ المشروعِ؛ لأَنَّ بعضَ الأُمراءِ وبعضَ السَّلاطين يزيد في العقوبة عن الحدِّ المشروعِ، ويكون ظالمًا، فإِذا كان ظالمًا فلا ترفع إِلَيه، ولكنْ عالجِ الأَمْرَ أَنْتَ بما تستطيعُ، هذا الشَّرْطُ الأَْوَّلُ.

الشَّرْطُ الثَّاني: أَنْ يكونَ هذا المُنكَرُ مؤَكَّدًا، ليس فيه خلافٌ، وإِنَّما هو مُنكَرٌ بالإِجْماع، ومُحرَّمٌ بالإِجْماع فتَرْفَعُه إِلى السُّلْطان.

*****


الشرح